تزوير إنتخابات مجلس الشورى - يونيو 2007

أهلا وسهلا بك فى وسط البلد..أنت الضيف رقم

موضوع شهر ابريل: الدين والدولة..فى انتظار مشاركات القراء..مقالات..آراء..حكايات..أحداث تاريخية..تحليلات..رؤى..قضايا للمناقشة..برجاء إرسال المشاركات على بريد اليكترونى: westalbalad@hotmail.co.uk

٢٥‏/١‏/٢٠٠٧

من مدرسة التاريخ:فينك يا عم حنين ؟

فينك يا عم حنين ؟

“إن الأمم البائسة تدع أحقاد الهزيمة تأكل أبناءها..أما الأمم ذات الهمة فانها تحول أحقاد الهزيمة الى عزائم تنهض بها لأعتاب نصر جديد”

أجد نفسى حائرا كلما فكرت فى اجابات محددة عن الأسئلة الحساسة التى تتناول نقاط التقاطع بين الحكم الاسلامى و حقوق الأقباط فى مصر..هل هناك حل يرضى جميع الأطراف فى هذا الشأن؟ ماذا يخيف الأقباط من الحكم الاسلامى؟ هل يقلقهم تطبيق الشريعة الاسلامية أم تزعجهم ممارسات الاسلاميين؟ هل كان الأقباط مضطهدون طوال قرون الخلافة الاسلامية؟ هل يكون وصول اسلاميين للحكم أسوأ عليهم من الأوضاع الحالية؟ لماذا يؤلب بعض أقباط المهجر الغرب علينا؟ ولماذا لم يحدث هذا فى الماضى؟و حينما تستعصى علينا الاجابات..تكون أمامنا بضع خيارات:- حذف اجابتين- الاستعانة بالجمهور- الاستعانة بصديق- تغيير الأسئلةو بما أن الجمهور قد عجز عن الاجابة..و حيث أن تغيير الأسئلة غير ممكن..وكذلك حذف بعض الاجابات(لأننا لا نعرف الاجابات أصلا)..فليس أمامنا الا الاستعانة بصديق..صديق محايد لا ينتمى للمصريين مسلميهم و أقباطهم..صديق ليس له مصلحة أو هوى فيما نبحث عنه..صديق خبر الحكم الاسلامى و عاش فى كنفه و هو فى أوج قوته و سلطانه،وجرب بنفسه ماله و عليه..
غصت فى أعماق التاريخ بحثا عن هذا الشخص..وشيئا فشيئا بدأت ملامحه تتكشف أمامى..كان أول من دلنى عليه المستشرق الألمانى شتروهماير الذى قال أن أساليبه العلمية تجعله زميلا لنا فى العصر الحالى رغم أحد عشر قرنا من الزمان تفصلنا عنه..و أضاف المؤرخ الفرنسى ليكليرك أنه من أشد رجال التاريخ ذكاءا وأحسنهم خلقا و ربما كان أقوي شخصية أنجبها القرن الثالث الهجرى..لقد كان الطبيب الخاص لأربعة خلفاء من العباسيين و موضع ثقتهم و رعايتهم..و زاد المستشرق ماكس مايرهوف ان كتابه:العشر مقالات فى العين هو أقدم مؤلف علمى فى طب العيون و ان جميع أطباء العيون المتأخرين اقتبسوا عنه…و هكذا مع الاستغراق الكامل فى البحث و التنقيب تكشف أمامى حنين بن اسحق بشحمه و لحمه..
- كيف حالك يا عم حنين؟ آنستنا و شرفتنا
حنين: أعزك الله و أرضى عنك الخليفة و سائر الناس…
- خليفة؟! خلاص يا عم حنين..لم يعد هناك خليفة..كل سنة و انت طيب..
حنين: كل سنة و أنا طيب؟ ويلكم!! أين ذهب الخليفة؟هل انتصر بازيل اللعين علينا؟
- بازيل مين يا عم حنين؟ الآن فيه بوش..بوش احتل العراق و قعد فيها و دلدل رجليه…
حنين: و من هذا اللعين بوش؟ هل هو امبراطور الروم؟
- حاجة زى كده
حنين: تبا لكم..و لماذا لا تهبون جماعات و فرادى للجهاد و طرده من العراق؟ أين جنود العراق و الشام و مصر و الجزيرة و المغرب؟ بل و أين جنود الأندلس؟
- الموضوع كبرجدا الآن يا عم حنين و تعقد..لم يعد هناك أندلس..و ابتلع اليهود فلسطين و لم يعد لنا حول ولا قوة.
حنين: ما أتعس أيامكم!!! حمدا لله أننى مت قبل أن أرى هذه الأيام..
- تقول هذا و أنت نصرانى؟!!! و قد عشت فى ظل الحكم الاسلامى؟؟!!
حنين: الويل لك يا هذا!!! أتتهمنى فى اخلاصى لأننى نصرانى؟!!!
- لا..لا أقصد اطلاقا..و لكن هذا البوش الذى احتل العراق و ساند اليهود فى فلسطين نصرانى مثلك..فاعتقدت أنك ربما تنحاز له لهذا السبب..
حنين: لو كان هذا صحيحا لكنت قد انضويت تحت لواء الروم فى أيامى و قد عشت بالفعل كطالب علم فى بلادهم لخمس سنوات و لكننى لم أنتمى لهم يوما و قد كان كرهى لهم أشد من كره المسلمين لهم بكثير..و كيف لا أكرههم و قد كانوا يعذبوننا و يقتلوننا و يحرقوننا و ينهبون أموالنا و أراضينا و هم على ديننا..فأنقذنا الحكم الاسلامى من بين أيديهم و أعاد لنا حقوقنا المسلوبة..أهكذا يفعل الناس فى عصركم؟ نصارى العرب يحاربون بنى جلدتهم من المسلمين لصالح أعدائهم من الروم؟!!!
- لا..الحقيقة لا..ولكن بعد عصركم حدثت حروب دينية بين الغرب باسم الصليب من جهة و العرب المسلمين من جهة أخرى..و توالت الأحقاد بعد ذلك..و هى مستمرة الى يومنا هذا..وقد شهد عصرنا الحديث تصعيدا للكراهية..و ساعد على هذا التصعيد موالاة بعض أقباط مصر المهاجرين للغرب كما ساعد عليه تعصب بعض المسلمين ضد المسيحيين نتيجة للاعتداءات المتكررة من مسيحييى الغرب علينا…
حنين: لا تبالى بهؤلاء المتعصبين..المهم من يعيشون بينكم من الأقباط فى مصر..ما هو موقفهم؟
- هم مواطنون مخلصون..شركاؤنا فى أفراحنا و أطراحنا..لكن العلاقات ليست دائما على ما يرام و أحيانا تطل الفتنة برأسها..و تلعب بالعقول و تؤجج النار..انها عقدة الآخر..عدم فهم الآخر..كراهية الآخر..الرغبة فى التخلص من الآخر..
حنين: و لكن المسلمين و النصارى العرب أبناء وطن واحد و حضارة واحدة و عدوهم واحد..أنا نصرانى و قد نعمنا فى ظل الحكم الاسلامى كما لم ينعم أى من أبناء ديننا من قبل او من بعد..لقد تمتعنا بكل حقوقنا و أملاكنا..و احتفظنا بلغاتنا الأصلية و تقاليدنا و كانت المناظرات الدينية تقام بيننا و بين المسلمين بدون أى حجر على أقوالنا..و سمح لنا بترجمة الكتاب المقدس الى العربية و تولينا الوزارات…و أنا شخصيا كنت رئيسا لدار الحكمة..و كبيرا للمترجمين..حيث كان يعمل معى اليهود و المجوس و النصارى بدون اى تعصب عنصرى او مذهبى..
- نعم لقد شهد عصركم أول حوار حقيقى بين الحضارات و ربما الحوار الوحيد بين الحضارات فى التاريخ..و لولا هذا الحوار لاندثرت للأبد الحضارات اليونانية و الرومانية و غيرها..و ما كان العالم قد وصل الى ما وصل اليه الآن من التقدم العلمى…
حنين: و لم أكن أنا العالم النصرانى الوحيد الذى حظى بهذه المنزلة..فقد سبقنى اليها جرجس بن بختشيوع و جبرائيل بن بختشيوع الذى وصل مرتبه الى عشرة آلاف درهم شهريا..و يوحنا بن ماسويه الذى كان الخليفة يعطيه ذهبا بوزن ما يترجمه من الكتب..جاحد من يقول أن الحكم الاسلامى قد ظلمنا أو بخسنا من حقنا مقدار ذرة..
- آه..انها أيام ولت يا عم حنين..المهم قل لى كيف نتصرف مع الغرب الذى يريد أن يشعل النار بين المسلمين و الأقباط؟
حنين: هذا الغرب متخلف..انهم يداوون بالسحر و الدجل..لقد أرسل الخليفة هارون الرشيد ساعة الى شارلمان ملك الفرنجة كرما و عطفا فظل خائفا منها أياما عديدة و قد حسبها سحرا.. و كان ملوكهم يرسلون ابناءهم لينالوا حظا من العلم فى الأندلس..
- انقلبت الآية الآن يا عم حنين..هذا موضوع يطول شرحه..المهم قل لى قبل أن يمضى الوقت كيف نزيل الضغائن و نعيد الأمور الى سابق عهدها بين المسلمين و الأقباط فى بلادنا ؟
حنين: لا حل لكم الا باعادة الأحوال الى نصابها الصحيح..بصرف النظر عن معارك الشرق و الغرب هذه..يجب أن يلتف الجميع حول وطن واحد..يجب أن ينبذ المسلمون التعصب و كراهية الآخر..و عليهم أن يفرقوا بين من اعتدوا عليهم و من يشاركوهم الوطن..حتى ولو كانوا ينتمون لنفس الدين..فهذا الدين الذى يجمعهم ينهاهم عن الاعتداء على المسلمين و الجميع يعرفون هذا..أتمنى على المسلمين ان يحاولوا أن يفهموا الآخر و يراعوا مشاعره و يفكروا بمنطقه و يعودوا لأصل الاسلام..أصل الاسلام الذى أنتمى انا و غيرى من المسيحيين العرب لحضارته…أما المسيحيين فيجب أن يفرقوا بين الدين الاسلامى و ممارسات بعض المتعصبين ممن يرفعون رايته..لقد عشنا قرونا فى ظل الحكم الاسلامى الحقيقى كان فيها لكل مجتهد نصيب بصرف النظر عن دينه و عقيدته..و كان الحاكم المسلم و القاضى المسلم و الانسان المسلم يعطى للنصرانى و اليهودى و المجوسى حقهم كما أمره الله و لو على حساب المسلم..فاتقوا الله جميعا فى أوطانكم..ان الأمم البائسة هى التى تدع أحقاد الهزيمة تأكل أبناءها..أما الأمم ذات الهمة فهى التى تحول أحقاد الهزيمة الى عزائم تنهض بها من عثرتها لأعتاب نصر جديد..
- والله كلامك حلو يا عم حنين..ممكن تقول لى الدور الذى يجب أن تلعبه الحكومة فى هذا الشأن ؟
عم حنين…عم حنين..رحت فين يا عم حنين؟حتى انت تخاف الحكومة ؟!!!! ماتخافش..الحكومة مابتقراش كتب التاريخ يا عم حنين..
و…………….و…………….و…………تصبحون على ذكريات وطن جميل
….

بقلم: د. ياسر نجم

هناك ٤ تعليقات:

غير معرف يقول...

اعتقد ان عم حنين اصيب بسكة قلبية بعد ما خلص كلامه معانا مش سكت علشان خايف من الحكومة

اسلوب طرح جديد و فكرة مبتكرة لعرض المشكلة المزمنة دي و لازم فعلا نتفاعل من أجل وضع حلول لها

--------------------------

الف مبروك علينا الجريدة يا دكتور ياسر

د.ياسر نجم يقول...

ألف شكر على تفاعلك يا علاء....
فى انتظار مزيد من التواصل بإذن الله
الحمد لله ان الأسلوب والفكرة عجبوك

ياسر نجم

غير معرف يقول...

اسلوب شيق و جميل دكتور في عرض الفكره
الاسلوب القصصي جميل جدا و انا بستخدمه كتير في شرحي للتلاميذ لانه بيوصل لهم المعلومه بطريقه جيده زي ما حضرتك عملت
اما عم حنين او كل شخص عايش فترات العصور الذهبيه للمسلمين همه اللي صنعوا التاريخ فعلا اما نحن فقد لوثنا مجدهم و انا شخصيا لو تحدثت مع احد منهم لذبت منه خجلا
شكرا يا دكتور علي المقال الممتاز

د.ياسر نجم يقول...

شكرا يا جوست
الحمد لله ان الموضوع عجبك

يا رب نقدر نستعيد جزء من روح الحضارة الإسلامية فى عز مجدها