تزوير إنتخابات مجلس الشورى - يونيو 2007

أهلا وسهلا بك فى وسط البلد..أنت الضيف رقم

موضوع شهر ابريل: الدين والدولة..فى انتظار مشاركات القراء..مقالات..آراء..حكايات..أحداث تاريخية..تحليلات..رؤى..قضايا للمناقشة..برجاء إرسال المشاركات على بريد اليكترونى: westalbalad@hotmail.co.uk

٢٣‏/٤‏/٢٠٠٧

حفل فى سراى أفندينا



العسكرى(منحنيا): أرجو أن يكون الحفل قد حاز رضا الجناب العالى..
أفندينا: تمام..تمام..تمام...حفل عظيم..أنت عسكرى عبقرى فعلا..حراسة على أعلى مستوى..إسكات معارضين..صياغة قوانين..كتابة مراسيم..تنظيم حفلات..أفكار جهنمية..سياسات خارجية..أمن ونظام..بيانات..تصريحات..قرارات..شىء يفوق الخيال..
العسكرى(منحنيا): رضا مولانا السامى هو جائزة عمرى..
أفندينا: رضا الأمة هو قرة عينى..
العسكرى: طبعا..طبعا..كله من أجل الأمة..كلنا ولاؤنا للأمة..وجنابكم رمز الأمة..
أفندينا: هل كانت الأمة سعيدة بالحفل؟
العسكرى: طبعا...طبعا..ألم تلاحظ عظمتكم كيف كانوا فى فرح وحبور؟ كلهم كانوا فى سعادة بالغة..فنانون وصحفيون ومثقفون ورجال أعمال..كانوا جميعا فى نشوة لصحبة معاليكم..
أفندينا: فعلا فعلا..لقد اعجبنى جدا كلام هؤلاء المثقفين عن الديموقراطية وحقوق الإنسان والفصل بين السلطات والدستور..لكن الحقيقة استعصت على بعض التعريفات..هل تعرف مثلا معنى الديموقراطية التى يتحدثون عنها ؟
العسكرى: نعم يا مولاى..الديموقراطية هى قيمة يسعى لها العالم المتحضر..وهى ببساطة تعنى أن يحكم الشعب نفسه من خلال البرلمان..والخضوع لرأى الأغلبية.
أفندينا: وكيف يتحقق هذا ؟
العسكرى: عن طريق الإنتخابات العامة..
أفندينا: إنتخابات عامة؟؟؟؟!!!! كيف يستطيع العامة أن يميزوا بين الصالح والطالح؟
العسكرى: لا يستطيعون يا سيدى..لذلك نراجع إختياراتهم ونصوبها لهم بما أوتينا من حكمة قد تغيب عنهم.الديموقراطية عندنا هى خضوع الدولة لحكم الأغلبية وخضوع الأغلبية لحكمة أفندينا..
أفندينا: عظيم..عظيم..وما هى حقوق الإنسان؟
العسكرى: هى حقوق البشر فى حياة كريمة تصون حرياتهم وكرامتهم وإحتياجاتهم..
أفندينا: ماذا عن المجرمين منهم؟
العسكرى: حقوق الإنسان للشرفاء فقط..من أضاع الشرف لا ينبغى له أن يطالب بحق..حقوق الإنسان عندنا هى نفسها حقوق الملتزمين بالنظام الذى يراه ولى الأمر صالحا لشئون البلاد والعباد..
أفندينا: عظيم..عظيم..وما هو الدستور؟
العسكرى: الدستور هو وثيقة لمبادىء الدولة يستهدى بها واضعو قوانينها..
أفندينا: ومن يحدد هذه المبادىء؟
العسكرى: مصالح الأمة..(بابتسامة خبيثة)ومصالح الأمة هى مصالح رمز الأمة..
أفندينا: وهل يجب أن تلتزم الأمة بهذه المبادىء طول الوقت؟
العسكرى: بما أن الغرض من الدستور هو رعاية مصالح الأمة..يمكننا أن نعطل بعض بنوده مؤقتا اذا تعارضت مع مصالح الأمة..الدستور عندنا وثيقة مرنة..تتحكم فيها المصالح..فلا يعقل أن يتحكم الورق فى الناس..ولا يتحكم الناس فى الورق..
أفندينا: عظيم...عظيم..وما هو الفصل بين السلطات؟
العسكرى: فى الدول الحديثة..يجب أن تستقل السلطة التشريعية والقضاء ووسائل الإعلام عن السلطة التنفيذية لضمان النزاهة وعدم الإستبداد..
أفندينا: وهل هذا الفصل أفضل؟
العسكرى: بالطبع يا أفندينا..طالما أن مولاى هو الذى يعين أصحاب هذه السلطات..وطالما أن القوانين تضمن لنا عدم تمردهم علينا..فصل السلطات عندنا حق لأفندينا..
أفندينا: تمام..تمام..اذن دولتنا دولة عظيمة..
العسكرى: كيف لا تكون دولة عظيمة ومولاى على رأسها؟؟!!
أفندينا: لماذا اذن أسمع أحيانا صياح البعض عن الإستبداد وعدم تداول السلطة وغياب الحريات والفساد وتدهور أوضاع البلاد؟؟؟!!!العسكرى: أقلية يا مولاى أقلية..فى كل الدول المتقدمة توجد أقليات..والديموقراطية تفرض عليهم أن يخضعوا لحكم الأغلبية..
أفندينا: المهم ألا تصل هذه الأقلية للبرلمان..
العسكرى: اطمئن يا مولاى..مهمتنا أن نضمن أن يظلوا خارج دائرة الضوء للأبد..نحن نبذل الرخيص والغالى لتعريتهم أمام الشعب..ونتأكد بكل عناية أن الأذكياء فقط من أبناء شعبك هم الذين يصلون للجان الإنتخابية..أما الأغبياء فنحن نستبدل بهم أذكياء من الأموات والغائبين..بلدنا كانت على الدوام ولادة عبر العصور..ومن العبث أن تنقطع استفادتنا بالنجباء عندما يضن بهم الزمان.
أفندينا: ولكنهم يطالبون بأن تشرف لجان محايدة على الانتخابات..
العسكرى: بسيطة..مرسوم سلطانى من الجناب العالى يقرر أن العسكر هم حراس الوطن..وصناديق الانتخابات ليست أغلى من الوطن..هل من الشرف أن يخاف مواطن رشيد على صندوق أكثر من خوفه على الوطن؟؟؟ّّ!!! ليس من الشرف طبعا..
أفندينا: ومن أضاع الشرف لا ينبغى له أن يطالب بحق..هههههه
العسكرى: تمام يا أفندينا تمام..إننى أتعجب كل يوم من ثقافة جنابكم العالية..التى تتضاءل إلى جانبها معارف أساتذة العلوم السياسية...
أفندينا: لماذا لم تدع بعض المعارضين لحفلنا؟
العسكرى: من قال هذا يا مولاى؟ لقد دعوت ثلاثة منهم..ألم يلفت نظر معاليكم صياحهم وتهليلهم؟!
أفندينا: هؤلاء الثلاثة الذين كانوا يرتدون ملابس مضحكة؟
العسكرى: هم بعينهم..
أفندينا: لقد حسبتهم مهرجين من السيرك يقدمون فقرة ترفيهية.
.العسكرى: هم كذلك..
أفندينا: لماذا لم تدع غيرهم؟
العسكرى: حتى لا يفسدوا حفل مولانا..
أفندينا: أنت خادم أمين..هلا طلبت مقابلا لخدماتك؟
العسكرى: ليس لى ولكن للأمة يا مولاى..أتمنى أن تضاعف مخصصات الأمن فى الميزانية..
أفندينا: يا مكار!!!! تريد بناء سجن كبير للمعارضين...
العسكرى:(ضاحكا)لا لا يا مولاى..لا يمكن أن يتسع سجن لهم..هذا محال...
أفندينا: ألم تقل أنهم أقلية؟!!!!
العسكرى: أقلية فى الكيف وليس فى الكم يا مولاى..
أفندينا: كيف نحكمهم اذن وهم كثر؟
العسكرى: لا نستطيع ان نحبسهم جميعا..نحن نحبس من تطولهم الأيادى..أما الباقون فلا نستطيع أن نحبس أجسامهم..ولكننا نستطيع أن نحبس إرادتهم...لا نستطيع أن نكبل أيديهم ولكننا نستطيع أن نكبل قدراتهم..لا نستطيع أن نلجم ألسنتهم ولكننا نستطيع أن نلجم حرياتهم.
.أفندينا: لماذا تريد المال اذن؟
العسكرى: المال يشترى النفوس..أعطنى مالا وسلطة..أشترى لك أوطانا بشعوبها..
أفندينا: ولكننى اذا ضاعفت لك المال..لا أجد ما يكفى للإنفاق على التعليم والصحة والسكن والمواصلات والمرافق وغيرها..فتتدهور أحوال البلاد أكثر..
العسكرى: لابد من تضحيات ليستمر الإستقرار..
أفندينا: كنت أتمنى أن أدخل التاريخ من باب المجد..
العسكرى: التاريخ لا يأبه من أى باب تدخل...المهم أن تدخل..
أفندينا: وإذا رفضت..
العسكرى: ستكون أنت الخاسر الوحيد..لأننا لن ندع الوطن يسقط فى أيدى الحثالة..
أفندينا: أنتم من؟
العسكرى: أنا وأصدقائى..رجال مال وأعمال..وسفراء..وآخرون..
أفندينا: أنت تخدم الجميع..
العسكرى: على صاحب السلطة الحكيم أن يؤجرها عند اللزوم خوفا وطمعا..
أفندينا(منحنيا): أرسل تحياتى لأصدقائك الأعزاء..
العسكرى: ذكاؤك يا مولاى يأسرنى..لو كان معشار شعبك فى معشار حكمتك لكان الحال غير الحال..ورغم أن دوام الحال من المحال إلا أننى أقسم لك بشرفى العسكرى أن تظل (أفندينا) إلى ما شاء الله...وكذلك نسلك حتى سابع حفيد..طالما أن مولاى وولى نعمتى سيورثهم فيضا من عقله وفطنته.
**************************************
د. ياسر نجم

١٢‏/٤‏/٢٠٠٧

لخبطتونا....منكم لله


.عندما اعتلى الرئيس جمال عبد الناصر منبر الأزهر فى أثناء العدوان الثلاثى...كان يباشر نشاطا سياسيا على مرجعية دينية، وعندما لقب الرئيس السادات نفسه ب(الزعيم المؤمن) وأعلن دولة العلم والإيمان كان يباشر نشاطا سياسيا على مرجعية دينية، وعندما يعلن الحزب الذى يتزعمه الرئيس مبارك أنه (يؤمن بدور الدين فى تحقيق التقدم ونهضة الشعوب) و(يؤمن بالدور الإيجابى للأديان السماوية في تحقيق النهضة والتقدم، ويؤكد على دور الإسلام ومبادئ شريعته السمحاء باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع، وعلى أهمية تجديد الخطاب الديني بما يعكس قيم العمل والتكافل والتسامح، ويمكن من تحقيق العدل والمساواة، ويضع الأساس الصلب لمجتمع يسعى لتحقيق التنمية الشاملة):
http://www.ndp.org.eg/ar/Aboutus/1.aspx
فإنه قطعا يباشر نشاطا سياسيا على مرجعية دينية!!!!!!

إن المادة الخامسة من الدستور فى هيئتها الجديدة التى أصبحت سارية المفعول منذ أسبوعين، والتى تتضمن هذا النص: (لا تجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية دينية)بتلك الصياغة المفتوحة بدون تحديد.. كبلت يدى الحكومة المصرية قبل أن تكبل غيرها...أولا: لأنها تتعارض صراحة مع المادة الثانية..فكيف يكون الإسلام هو دين الدولة، وتكون الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع...ومع ذلك يمنع الدستور فى مادة أخرى (مباشرة أى نشاط سياسى على مرجعية دينية)؟؟؟؟؟!!!!! كيف يمنع الدستور مباشرة أى نشاط سياسى على مرجعية المصدر الرئيسى للتشريع فى الدولة؟؟؟؟؟!!!! كيف يناقش السياسيون أى قانون اذا كانوا ممنوعين من تلك المناقشة بحكم الدستور؟؟؟!!!
ثانيا: لا يوجد مناص من أن تلجأ الدولة للمرجعية الدينية فى تسيير أنشطتها السياسية..سواء بحكم ان هذه المرجعية متأصلة فى وجدان وفى تراث وفى ثوابت الشعب المصرى ،أو بحكم أن الدولة تحتاج ل(إستخدام) هذه المرجعية فى العديد من المواقف والأحداث السياسية..بدءا من الأمثلة المذكورة فى إفتتاحية هذا المقال ومرورا بشعار (الله أكبر) فى حرب أكتوبر ونهاية بالدور الذى تلعبه الرموز الدينية فى التأثير على الشعب سياسيا كما حدث من شيخ الأزهر والبابا شنودة فى الإستفتاء الأخير..فضلا عن الإستضافات الأسبوعية لمفتى الديار المصرية فى برنامج البيت بيتك)..المنبر الرئيسى للإعلام الحكومى حاليا.
إن أحترام هذه المادة من الدستور يقتضى من السيد رئيس الجمهورية وكبار رجال الدولة الإلتزام بالآتى:
- تغيير مبادىء الحزب الوطنى المذكورة فى إفتتاحية هذا المقال.
- ما يترتب على هذا التغيير من بطلان انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس الشعب إذ أن من نجحوا فى هذه الإنتخابات قد نجحوا بناءا على ثقة الشعب فى هذه المبادىء (على فرض أن نتائج الإنتخابات ليست مزورة).
- إستقلال الأزهر عن الدولة وإلغاء وزارة الأوقاف وإلغاء إشراف الدولة على المساجد.
- الإنسحاب من منظمة المؤتمر الإسلامى.
- عدم الإستعانة بالبسملة وآيات القرآن الكريم فى الخطب والبيانات الرسمية والأحداث السياسية.
- عدم حضور رئيس الجمهورية للإحتفالات الدينية أو نقل وقائع حضوره لصلاة الجمعة أو صلاة العيدين، وعدم الحديث عن تعاليم الإسلام فى معرض اللقاءات الإعلامية.
- عدم الإستعانة بالرموز الدينية مثل شيخ الأزهر والبابا والمفتى فى الإدلاء بآراء أو فتاوى أو تصريحات تتعلق بأى من الأمور السياسية، وعدم ظهورهم ضمن كبار رجال الدولة فى المناسبات الرسمية.

إن الصيغة الحالية للمادة الخامسة من الدستور عرضت المرجعية الدينية من خلال تعبير (أى نشاط سياسى) لعدم الدستورية..بصرف النظر عن ماهية هذا النشاط..
ولن تحل أية تعريفات فى القانون الجديد لمباشرة الحقوق السياسية المشكلة لأن الدستور ملزم للقانون وليس العكس..والنص الدستورى لم يربط النشاط السياسى بتعريف محدد سواء فى القانون أو غيره ولكنه فتح الأمر للعمومية بلفظ (أى) السابق لتعبير (نشاط سياسى).
هل تنوى الدولة حقا إحترام المادة الخامسة التى لا يوجد نظير لها فى أى دستور فى العالم؟ أم انها كالعادة تنوى استخدام هذه المادة بشكل انتقائى يتآلف مع استخدامها (الإنتقائى أيضا) للمادة الثانية من الدستور؟؟؟؟!!!! هذا الإستخدام الإنتقائى الذى يخدم مصالح الحكومات دون المواطنين هو ما عهدناه من الأنظمة الحاكمة فى مصر عبر العهود...
ونحن كمواطنين فى دولة محكومة بالحديد والنار..لا نملك من الأمر إلا أن نذكر السادة كبار رجال الدولة أنهم قد أقسموا عند توليهم مهام مناصبهم على إحترام الدستور..ولذلك فإننا ندعوهم لأحد أمرين: إما أن يبروا بقسمهم، أو أن يصوموا ثلاثة أيام كلما أتوا بأحد الأنشطة السياسية (ذات المرجعية الدينية)..(فى حالة الرئيس مبارك يضرب العدد فى خمسة..بعدد مرات أداء القسم)...ولكن هنا يثور من جديد سؤال آخر: أليس القسم الجمهورى نفسه نشاطا سياسيا ذا مرجعية دينية؟؟؟؟ أليس فى القسم (بالله العظيم) إشارة لمرجعية دينية؟؟؟؟!!!

لخبطتونا..منكم لله!!!!

د.ياسر نجم

٤‏/٤‏/٢٠٠٧

صالون وسط البلد: الدين والسياسة..تأصيل ورد شبهات

فى أحدث إصداراته "الدين والسياسة..(تأصيل ورد شبهات)" تناول الدكتور القرضاوي قضية شغلت اهتمام العديد من الباحثين والمفكرين ورجال الدين في العالم الإسلامي و الغربي، ويسعى فضيلته لتوضيح طبيعة العلاقة بين الدين والسياسة، ويرد بهذا على شبهات العلمانيين ورفضهم الربط بينهما ...

عناوين أخرى:
الدِّين والسياسة ضوء على المفاهيم
مفهوم كلمة الدين
مفهوم كلمة السياسة لغة واصطلاحا
السياسة عند الفقهاء
السياسة عند الحكماء (الفلاسفة)
السياسة عند الغربيين
العلاقة بين الدِّين والسياسة عند الإسلاميين والعلمانيين
إنكار فكرة (شمول الإسلام)
فصل الدِّين عن السياسة
تهمة الإسلام السياسي!
السياسة بين النص والمصلحة
السياسة بين الجمود والتطور
الدِّين والدولة في الإسلام
من حق الإسلام أن تكون له دولة
من حق الإسلاميين أن يكون لهم حزب سياسي
دولة الإسلام دولة مدنية مرجعيتها الإسلام
الدولة الإسلامية دولة شورية تتوافق مع جوهر الديمقراطية
الدولة الإسلامية وحقوق الأقليات
الدولة الإسلامية وحقوق الإنسان
العلمانية: هل هي الحل أو هي المشكلة؟
دعوى العلمانية الإسلامية!!
الأقليات الإسلامية والسياسة
خاتمة
أترككم تستمتعون بالكتاب وفى انتظار آرائكم:

شخصية الشهر: عمر بن الخطاب..أول حاكم مدنى فى الإسلام

أمير المؤمنين:

منذ تأسيس الدولة الإسلامية مع هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة..كان الوحى الإلهى رفيقا للمسلمين...وكان الرسول عليه الصلاة والسلام..زعيم الأمة يقود الناس بهدى هذا الوحى وتوجيهه الربانى.. صحيح ان الرسول عليه الصلاة والسلام كان فى الأمور التى سكت عنها الوحى (وخاصة التفاصيل التقنية مثل: فنيات الحروب و العلوم الدنيوية ) يتصرف من تلقاء خبراته الشخصية عليه الصلاة و السلام كما انه كان يستشير المتخصصين من الصحابة فى مثل هذه الأمور...إلا أن صحابته رضى الله عنهم بقوا طوال حياته عليه الصلاة والسلام مظللين بالعناية الإلهية التى تنزل عليهم التعاليم الشرعية بشكل متواصل...فكانوا دائما مطمئنين إلى أن المسيرة لن تحيد عن الحق أبدا...

و مع وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام..إنقطع الوحى وشعر المسلمون بعظم المصيبة التى ألمت بهم...فمنذ هذه اللحظة عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم فى إدارة شئون الدولة الإسلامية بالشكل الذى يتوافق مع ما انتهى إليهم من قرآن وسنة شريفة ومبادىء زرعها فيهم الإسلام.... بتعبير آخر: انتهى دور القيادة الدينية للدولة...وأصبح على القيادات المدنية (التى ليست لها قداسة و ليست معصومة من الاخطاء البشرية وليس لها حق إلهى فى القيادة أو الحكم و تقود بناءا على فكرها الشخصى و أسلوبها فى الإدارة ) أن تؤسس مبادىء للحكم تستند إلى المرجعية الإسلامية ولكن بدون ان يكون لديها نموذج معين تتبعه....فالدول الأخرى فى الشرق والغرب ليست إلا إمبراطوريات تتعارض مبادئها مع مبادىء الإسلام...والنموذج الإسلامى المتوارث من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينضج بعد مدنيا نظرا لإنشغاله بالدعوة وتأسيس العقيدة طوال حياته..وقد وافته المنية صلى الله عليهوسلم بمجرد إنتهاء الدور الدعوى تقريبا...وقبل ان تتسع أطراف الدولة الإسلامية على الهيئة التى تستدعى تنظيم أمورها بشكل متكامل... وكان المتصور أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه هو الذى سيقوم بهذا الدور..ولكن أدى قصر عمر ولايته (عامين فقط) مع إنشغال الامة آنذاك بحروب الردة (لإستكمال تأسيس العقيدة والدور الدعوى للرسول عليه الصلاة والسلام) بالإضافة إلى الفتوحات حال دون إضطلاعه رضى الله عنه بهذا الدور...

وحينما جاء دور عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى الحكم بعد أبى بكر...واستمرت ولايته عشر سنوات إتسعت فيها الدولة الإسلامية من فارس شرقا إلى مصر غربا...ومن الشام شمالا إلى اليمن جنوبا..كان لابد من تأسيس نظام ومبادىء للحكم المدنى فى الدولة... وبذلك أصبح عمر رضى الله عنه اول من يقوم بدور الحاكم المدنى للدولة الإسلامية الناشئة...والدارس لشخصية عمر بن الخطاب رضى الله عنه سيدرك على الفور أن أسلوبه فى الإدارة سيعتمد على تحمله هو وحده كل المسئولية فى هذا الشأن...فمن الأصول الثابتة فى شخصيته رضى الله عنه إيمانه الشديد بمبدأ: مسئولية الراعى عن رعيته...وان الله سائله عن كل رعايا دولته بما فيهم الحيوانات....حتى لو ادى ذلك إلى هلاكه رضى الله عنه فى تحمل هذه المسئولية...اما ما كان لا يطيق فعله...فكان يحاول أن يكلف به من يثق فى دينهم ثقة شديدة على أن يكون الرجوع إليه أيضا فى المنتهى...وهو نوع من مركزية الحكم عابها البعض عليه رضى الله عنه... ومن الجدير بالذكر أن المسلمين كانوا يسمون أبا بكر ب(خليفة رسول الله ) ثم بدأوا يسمون عمر ب (خليفة خليفة رسول الله )..ولكن عمرو بن العاص استطال الإسم...فأطلق على عمر لقب (أمير المؤمنين)..وهو اللقب الذى انتشر فيما بعد...وساهم فى المزيد من إزالة القدسية عن أمير المؤمنين...ولكن الخلفاء استمروا فى استخدام لقب الخليفة حتى بعد أنتهاء عصر الخلافة الراشدة وتحولها إلى نوع من الملك الوراثى وهو نوع من الحكم يخالف تعاليم الإسلام... ولكن ماذا فعل عمر لتأسيس الدولة الإسلامية المدنية؟ وكيف أجتهد فى ذلك رغم عدم وجود نموذج ثابت أمامه؟

كانت البداية فى اليوم الثالث بعد توليه الحكم..إذ خطب خطبة فى المسلمين تعتبر بمثابة: ( بيان سياسة الدولة فى عهده ) وكان أهم ما ورد فيها: - إنما مثل العرب مثل جمل أنف(ذلول) اتبع قائده فلينظر قائده حيث يقوده..أما أنا فورب الكعبة لأحملنهم على الطريق (هنا مبدأ: إصراره على إتباع طريق الشريعة الإسلامية حتى وإن لم يرض الناس ) - ولست أدع أحدا يظلم احدا أو يتعدى عليه حتى أضع خده على الأرض وأضع قدمى على الخد الآخر حسث يزعن بالحق (هنا مبدأ: مسئولية الحاكم عن استتباب العدل وقهر الظالمين) فى هذه اللحظة تفقد عمر الوجوه فوجد الرعب والرهبة والجزع قد إرتسمت عليها فواصل كلامه قائلا: "إنما تكون تلك الشدة على أهل الظلم والتعدى على المسلمين..فأما اهل السلامة والدين والقسط فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض..وانى بعد شدتى تلك أضع خدى على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف" (هنا مبدأ: خضوع الحكومة للمواطنين الصالحين) - لكم على ألا أجتبى شيئا من خراجكم ولا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه (هنا مبدأ: الحفاظ على حقوق الملكية الخاصة مع الإحتفاظ بحق الدولة فى الزكاة أو الضرائب..إلخ..إلخ..) - ولكم على إذا وقع فى يدى ألا يخرج منى إلا فى حقه (هنا مبدأ: الإلتزام بترشيد نفقات الدولة) -ولكم على أن أزيد عطاياكم و أرزاقكم إن شاء الله تعالى (هنا مبدأ: رفع مستوى المعيشة للمواطنين) - وأسد ثغوركم (هنا مبدأ: الحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه الذى يقسم عليه رؤساء الدول الحديثة) - ولكم على ألا ألقيكم فى المهالك (هنا مبدأ: الحفاظ على قيمة الإنسان ولتطمين المواطنين بعد المبدأ السابق) -ولا أجمركم (احبسكم) فى ثغوركم وإذا غبتم فى البعوث فأنا أبو العيال (هنا مبدأ الرحمة بالجنود ومسئولية الدولة عن أهاليهم مسئولية كاملة فى غيابهم) -فاتقوا الله عباد الله وأعينونى على أنفسكم بكفها عنى (هنا مبدأ التوجيه بالمحافظة على السلوك الإسلامى العام لتقليل الشكاوى و القضايا ) -واعينونى على نفسى بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإسدائى النصيحة فيما ولانى الله من أمركم (هنا مبدأ مراجعة الحاكم والتوجيه الشعبى لسياساته)

مبادىء السياسة العمرية:

- تطبيق الشريعة الإسلامية

- مسئولية الحاكم عن استتباب العدل وقهر الظالمين

- خضوع الحكومة للمواطنين الصالحين

- الحفاظ على الملكية الخاصة مع مراعاة حق الدولة فى إقتطاع الزكاة والضرائب

- ترشيد نفقات الدولة

- السعى لرفع مستوى معيشة المواطنين

- الحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه

- الحفاظ على قيمة الإنسان

- الرحمة بالجنود ومسئولية الدولة مسئولية كاملة عن أهاليهم فى غيابهم

- التوجيه بالمحافظة على السلوك العام

- حق الشعب فى مراجعة الحاكم وتوجيه سياساته

أبو العيال

كان إختيار المسلمين لعمر رضى الله عنه فى خلافة أبى بكر بالأغلبية الكاسحة ولم يكن إجماعا...وذلك على الرغم من مكانة عمر رضى الله عنه بين المسلمين وأسبقيته لهم جميعا من بعد أبى بكر بشهادة الرسول عليه الصلاة والسلام...إلا أن ذلك لم يمنع المجتمع الإسلامى الناشىء آنذاك من قبول (تيار معارض) يعبر عن رأيه بكل حرية و يدلى بدلوه فى قضية تمس مستقبل الأمة..

وقبل ان نسترسل فى إستعراض التطبيقات العملية للبرنامج السياسى العمرى يجدر بنا أن نتوقف عند قصة إختيار عمر للخلافة...ذلك أن فيها من المعانى الراقية ما لا يجب ان يمر دون تفكر وتدبر... لما أحس أبو بكر بدنو أجله...طلب من المسلمين أن ينتخبوا غيره لخلافته: ( أمروا عليكم من أحببتم فإنكم إن امرتم فى حياتى كان أجدر ألا تختلفوا بعدى ). ذهب الناس ليتشاوروا عملا بنصيحة أبى بكر ولم يتفقوا..فرجعوا إليه وفوضوه فى أن يختار لهم..ثقة منهم فى فطنته رضى الله عنه وحرصه على مستقبل المسلمين...قرر أبو بكر أن يختار عمر لخلافته بناءا على تفويض الأمة له ولكنه حتى فى ظل هذا التفويض لم يجعل لقراره الحكم النهائى..فبدأ رضى الله عنه سلسلة جديدة من المباحثات مع (كبار رجال الدولة) او ما يمكن أن نسميه (مجلس الشورى) المكون من كبار الصحابة وأصحاب الرأى ليستطلع رأيهم فى عمر بن الخطاب..فدعا أولا عبد الرحمن بن عوف وكان رأيه: (ما تسألنى عن أمر إلا وأنت أعلم به منى..هو والله أفضل من رأيك فيه) ثم عثمان: ( علمى بعمر أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله ) ثم أسيد بن حضير: ( اللهم أعلمه الخيرة بعدك. يرضى للرضا ويسخط للسخط والذى يسر خير من الذى يعلن ولن يلى هذا الأمر أحد أقوى عليه منه. ) .... إلا أن المعارضة لم تقف ساكنة..فتحرك بعضهم وذهبوا لمقابلة أبى بكر: ( ما أنت قائل لربك إذا سألك عن إستخلاف عمر علينا..قد ترى غلظته وهو إذا ولى كان أفظ وأغلظ.)...فى الأحوال العادية قد نرى حاكما فى مثل هذا الموقف ينكل بالمعارضة...خاصة وأن معه تفويضا من الأمة وكذلك موافقة من (مجلس الشورى)..إلا أن أبا بكر لم يفعل..ولكنه قال: ( أجلسونى)..فلما جلس قال: ( أبالله تخوفوننى؟!!!!! خاف من تزود من أمركم بظلم..أقول اللهم إنى إستخلفت على أهلك خير أهلك..)..ثم توجه لمندوب المعارضين : ( أبلغ عنى ما قلت لك من وراءك )...واضطجع أبو بكر مرة أخرى ودعا بعثمان رضى الله عنه ليملى عليه قراره الذى أقرته الأغلبية: (بسم الله الرحمن الرحيم...هذا ما عهد به أبو بكر بن أبى قحافة فى آخر عهده بالدنيا خارجا منها وأول عهده بالآخرة داخلا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب:إنى إستخلفت عليكم بعدى.............................................. .....................) ولم يكمل حيث أخذته غشية فذهبت به قبل أن يسمى أحدا..فكتب عثمان من تلقاء نفسه ( عمر بن الخطاب )...فلما أفاق أبو بكر قال: ( إقرأ على ما كتبته ) فقرأ عليه ذكر عمر..فكبر أبو بكر بصوت عال وقال: ( أراك خفت أن تذهب بى غشيتى تلك فيختلف الناس فجزاك الله عن الإسلام خيرا...والله أن كنت لها لأهلا.)..وهنا لنا وقفة..لم يستغل عثمان غيبوبة أبى بكر ليكتب إسمه..بل لم يتركها مفتوحة لإختيار الناس عسى أن يظفر بها...ولكنه رضى الله عنه آثر أن يكمل بنفسه ما إنعقدت عليه إرادة الخليفة وكبار الأمة...حتى لا تكون فتنة وهو ما حرص عليه أبو بكر من قبله..وقد أكبر فيه أبو بكر هذا الموقف وأثنى عليه بما يستحقه...وهو وسام استحقاق الخلافة نفسها لحرصه على إحقاق الحق.. وإستكمل أبو بكر إملاء القرار: ( فاسمعوا له وأطيعوا وإنى لم آل الله ورسوله ودينه ونفسى وإياكم خيرا..فإن عدل فذلك ظنى به وعلمى فيه..وإن بدل فلكل امرىء ما اكتسب والخير أردت ولا أعلم الغيب وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون. )

وكان ما كان بعد ذلك من بيعة المسلمين لعمر ووفاة أبى بكر...ثم ما كان من بيان عمر لبرنامجه السياسى وقد إستعرضناه بمبادئه الأحد عشر فى الحلقة الماضية... والآن تعالوا بنا نتعرض لمواقف حية منفصلة من الحكم العمرى لنتبين معا ما إذا كانت قد مثلت المبادىء النظرية التى أعلنها أم أن التطبيق العملى قد أصابه إختلاف لسبب أو لآخر...

- التاريخ الهجرى: كتب أبو موسى الأشعرى وميمون بن مهران وقرة بن خالد (ولاة الأمصار) إلى عمر يخبرونه بأن الرسائل التى يرسلها أمير المؤمنين ليس لها تاريخ..فلا ندرى على أيها نعمل.. هنا مأزق يقابل الدولة المدنية الصاعدة بمؤسساتها.. المحافظون يريدون قرارات مؤرخة لكى يتابعوا سير التعديلات الإدارية فى هذه القرارات طبقا لتواريخها..والعرب ليس عندهم نظام تقويم تاريخى.. عرض عمر الامر للمشورة والحوار...واستعان هاهنا ب (الهرمزان) وهو واحد من أهل اليمن (كان اليمن فى ذلك الوقت أكثر تقدما من الحجاز)...فقال لعمر: ( إن لنا حسابا نسميه ماءروز -وهو حساب للشهور والأيام- فقرر عمر أن يبدأ التأريخ للأمة..ولكن من أى عام يبدأ التقويم ؟ عودة مرة أخرى ل ( مجلس الشورى) وأدلى بدلوه حينئذ على بن أبى طالب رضى الله عنه وإقترح إقتراحا لاقى قبولا أن يبدأ التقويم من الهجرة..على أساس أن هذا هو التاريخ الحقيقى لتأسيس دولة الإسلام..وإقترح عثمان أن يكون المحرم هو أول شهور العام..على أساس أنه منصرف الناس عن الحج..

. هنا لنا وقفات ثلاث..الوقفة الأولى مع عمر نفسه الذى لم يكن لينفرد برأى وكان يأخذ بالشورى فى الأمور كلها...الوقفة الثانية معه أيضا رضى الله عنه..فهو لم يستنكف أن يقتبس من الآخر واردات الحضارة والتقدم طالما أنها لا تتعارض مع ثوابت الدين..لم يقل: هذه بدعة وكل بدعة ضلالة..لم يقل: لن نتشبه بالكفار ولن نتبع الأمم الأخرى..وهو فى الوقت نفسه حريص على أن يلبس هذا الإقتباس هوية إسلامية...لتعبر عن هذه الأمة وتراثها..فهو لم يأخذ تقويم الماء روز كما هو..هو فقط إقتبس الفكرة ثم عدلها لتناسب المسلمين...الوقفة الثالثة مع النهج الإسلامى نفسه..لم يقترح الصحابة أن يبدأ تقويمهم من يوم مولد الرسول عليه الصلاة والسلام أو يوم وفاته..فلا تقديس لشخص فى النهج الإسلامى (وهو ماسنتعرض له بالتفصيل فى المناظرة نفسها )....التقديس للإسلام نفسه..اما الأشخاص بمن فيهم الرسول عليه الصلاة و السلام فهم عمال لله عزوجل ولدينه العظيم.

- الرئاسة ليست حكرا وليست إرثا وليست مؤبدة: فى يوم تقدم أبو عبيدة بن مسعود الثقفى للسير إلى العراق ومن بعده سليط بن قيس وجمعا من خلفهما ألف رجل للجهاد..وسر عمر سرورا شديدا بإقبال الناس على الجهاد..وهنا صعدت المعارضة من جديد: (أمر عليهم رجلا من السابقين من المهاجرين والأنصار)..فرد عليهم عمر: (لا والله لا أفعل..إن الله إنما رفعكم بسبقكم وسرعتكم إلى العدو...فإن جبنتم وكرهتم اللقاء فأولى بالرياسة منكم من سبق إلى الدفع وأجاب إلى الدعاء..والله لا أؤمر عليهم إلا أولهم إنتدابا)

- عمر والآخر: إذا كنا نتحدث عن دولة إسلامية على أساس العقيدة..فلابد أن الآخر هنا هو أصحاب العقائد الأخرى...وبما أن مصر بلدنا تصلح كنموذج مثالى فى هذا السياق..بإعتبارها أحد أهم البلاد التى فتحت فى عهد عمر - وكانت الغالبية الكاسحة من أهلها آنذاك من النصارى - فينبغى علينا أن نتطرق إلى البيان الرسمى الذى أذاعه عمرو بن العاص بمجرد فتح مصر: ( لا إكراه فى الدين..ولن يضار أحد فى حريته أو ماله بسبب دينه أو مذهبه..فمن شاء أن يبقى ملكانيا أو مونوفسيا فله ما شاء...ومن شاء أن ينتقل من دين إلى دين أو من مذهب إلى مذهب فلن يصاب لذلك بسوء ومن أسلم فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ).. هل يوجد أسمى من ذلك ؟ هل شهد التاريخ كله مثل هذه السماحة والتشجيع على حرية الإعتقاد من قبل جيش غاز منتصر ؟ هل يوجد نظير لمثل هذا من قبل أى دين تجاه أى دين آخر ؟!!!! أليس فى هذا رد على دعاوى وحجج المبطلين ؟؟؟؟!!!!! وقد ذكر أهل الذمة أنفسهم أن أسقفا ملكانيا يدعى ساويرس ظل على مذهبه حتى مات ولم يمسه شخص بسوء..وان رجلا يدعى بنيامين المونوفسى كان يستميل الناس إلى مذهبه بالحجة والبرهان فلا يقف أحد فى سبيله..وبقيت كنائس الملكانيين والمونوفسيين تؤدى فيها الشعائر دون أن يدنس حرمتها أحد... وقد خفف عمر كثيرا من الضرائب الباهظة التى فرضها الروم على المصريين كما ألغى الإمتيازات الطبقية التى كانت موجودة فى العهد السابق..وفرض الجزية فقط على من بقى على دينه ولم يتحول إلى الإسلام وكانت مبلغا زهيدا من المال أعفى منه كل من لا يقدر على حمل السلاح والرهبان و النساء والأطفال...وفى المقابل أعفى الأقباط من الخدمة العسكرية..وهو أمر طبيعى فى دولة قائمة على عقيدة مخالفة لما يؤمنون به.... لذلك لم يكن غريبا أن يخرج البطريرك بنيامين (بطريرك الكنيسة المقبطية آنذاك)..بعد لقائه بعمرو بن العاص ليقول لأتباعه: (عدت إلى بلدى الأسكندرية فوجدت فيها أمنا من الخوف وأطمئنانا بعد البلاء وقد صرف الله عنا اضطهاد الكفرة وبأسهم.) لم يكتف عمر بهذا..ولكنه أيضا اتخذ البطريرك بمثابة (المستشار) فى حكم مصر...فكتب لعمرو بن العاص يطلب منه أن يستشير البطريرك فى خير الوسائل لحكم مصر..وهو ما أسعد البطريرك كثيرا...فأخلص المشورة..

وكان من بين نصائحه: - تحصيل ضريبة الاطيان الزراعية بعد جنى المحاصيل ( حتى لا تثقل الضريبة على الناس ) - حفر الخلجان وإصلاح الجسور وسد الترع ( تطوير مشروعات الرى والطرق ) - صرف مهايا العمال بإنتظام للقضاء على الرشوة - ألا تعطل حقوق الناس - ألا يلى الامور عامل ظالم... وقد كان..أن عمل عمرو بن العاص بوصايا البطريرك..مما كان له أكبر الأثر الإيجابى على تحسن أحوال مصر فى ذلك العهد... ويروى أنه رأى شيخًا من أهل الذمة يستطعم الناس، فسأل عمر عنه، فقيل له: هذا رجل من أهل الذمة كبر وضعف، فوضع عنه عمر الجزية، وقال: كلفتموه الجزية حتى إذا ضعف تركتموه يستطعم؟ ثم أجرى له من بيت المال عشرة دراهم.

الطفل الصغير يستطيع أن يستدر دموعه: ذات مرة وهو سائر وجد أطفالا يلعبون.. فقال واحد منهم: أأبكي لكم أمير المؤمنين؟ قال: يا أمير المؤمنين.. قال عمر: نعم يا بني.. قال له الصبى : أتق الله فقال عمر: فقهها الصبي.... و بكي

الرقابة الإدارية: في أخر عام له فى الحكم..قال: إن عشت العام القادم سوف أذهب الى كل بلد أعيش فيها شهرين فان الرعية لها أمور يحجبها عني الولاة فو الله سوف يكون أحلى عام هذا الذي أقضيه بين الرعية أسمع فيها شكواهم... ولكن القدر لم يمهله رضى الله عنه.. وكان لديه جهاز متكامل من العمال الذين يبعثون له بتقارير عن حركة الولاة فبلغه ذات مرة أن عمرو بن العاص في الفسطاط يجلس بين الناس متكئا وقد كان كبيرا في السن فأرسل اليه رسولا خاصا (محمد بن ابي مسلمة) يقول له : ( من عبد الله بن عمر أمير المؤمنين الى العاصي بن العاص اذا بلغتك رسالتي فاجلس كما كان يجلس رسول الله..) وبلغه أيضا أن سعدا صنع بابا على باب الإمارة فمن يأتي يطرقه فقال: يا بن مسلمة أذهب فاكسر الباب وقل له يا سعد يا خال رسول الله من حجب بينه وبين الرعية.. حجب الله بينه وبين الجنة يوم القيامة..

قرقر أو لا تقرقر: فى عام الرمادة.. لما اشتد الجوع بالناس وكان لايوافقه الشعير والزيت ولا التمر وإنما يوافقه السمن..فحلف لا يأتدم بالسمن حتى يفتح على المسلمين عامه هذا ، فصار إذا أكل خبز الشعير والتمر بغير أدم يقرقر بطنه في المجلس فيضع يده عليه ويقول : ” إن شئت قرقر وإن شئت لاتقرقر ، مالك عندي أدم حتى يفتح الله على المسلمين” أبو العيال: وكان رضي الله عنه أول إنسان في التاريخ يعمل السجلات العسكرية ...فكان لديه سجل بأسماء كل الجنود فى ميادين القتال..وكان يطرق على زوجاتهم.. فيسألهم: هل تريدون شيئا من السوق ؟ فيجيبوه: نعم يا أمير المؤمنين كذا وكذا فيكتب ويحضره حاملا على كتفه وظهره وكان يقول أنا أبو العيال حتى يعود... والأمثلة عديدة ومتنوعة...أكبر كثيرا مما يحتمل هذا المقام...ولا يتسع المجال لإحصائها... رحم الله أبا حفص وجزاه عنا خير الجزاء...

من أوليات عمر:

1. اول من سمى بأمير المؤمنين من الخلفاء

. 2. اول من وضع تأريخا للمسلمين و أتخذ التاريخ من هجره رسول الله صلى الله عليه و سلم.

3. هو اول من عسعس فى الليل بنفسه ولم يفعلها حاكم قبل عمر ولا تعلم أحد عملها بأنتظام بعد عمر

. 4. اول من عقد مؤتمرات سنويه للقاده و الولاه و محاسبتهم و ذلك فى موسم الحج حتى يكونوا فى أعلى حالتهم الأيمانيه فيطمن على عبادته وأخبارهم.

5. أول من أتخذ الدره ( عصا صغيره ) و أدب بها .. حتى أن قال الصحابه و الله لدره عمر أعظم من أسيافكم و أشد هيبه فى قلوب الناس .

6. اول من مصر الأمصار .

7. اول من مهد الطرق و منها كلمته الشهيره ( لو عثرت بغله للعراق لسألني الله تعالى عنها لما لم تمهد لها الطريق يا عمر ) .

من أولياته فى العباده:

1. أول من جمع الناس على صلاه التراويح .

2. هو أول من جعل الخلافه شورى بين عدد محدد .

3. اول من وسع المسجد النبوى .

4. اول من اعطى جوائر لحفظة القرأن الكريم .

فى العلاقات العامه :

1. أجلى اليهود عن الجزيره العربيه

2. أسقط الجزيه عن الفقراء والعجزه من أهل الكتاب

3. أعطى فقراء أهل الكتاب من بيت مال المسلمين

4. منع هدم كنائس النصارى

5. تؤخذ الجزيه من أهل الكتاب على حسب المستوى المعيشى

فى مجال الحرب :

1. أقام المعسكرات الحربيه الدائمه فى

دمشق و فلسطين والأردن

2. اول من أمر بالتجنيد الأجبارى للشباب و القادرين

3. اول من حرس الحدود بالجند

4. اول من حدد مده غياب الجنود عن زوجاتهم ( 4 أشهر )

5. اول من أقام قوات أحتياطيه نظاميه ( جمع لها ثلاثون ألف فرس )

6. اول من أمر قواده بموافاته بتقارير مفصله مكتوبه بأحوال

الرعيه من الجيش

7. أول من دون ديوان للجند لتسجيل أسمائهم و رواتبهم

8. اول من خصص أطباء و المترجمين و القضاه و المرشدين لمرافقه الجيش

9. اول من أنشأ مخازن للأغذيه للجيش

فى مجال السياسه:

1. أول من دون الدواوين

2. أول من أتخذ دار الدقيق ( التموين )

3. أول من أوقف فى الأسلام ( الأوقاف )

4. أول من أحصى أموال عماله و قواده وولاته وطالبهم بكشف حساب أموالهم ( من أين لك هذا )

5. أول من أتخذ بيتا لاموال المسلمين

6. أول من ضرب الدرهم و قدر وزنه

7. أول من جعل نفقه اللقيط من بيت المال

8. اول من مسح الأراضى وحدد مساحاتها

9. أول من أتخذ دار للضيافه

10. أول من أقرض الفائض من بيت المال للتجاره

نماذج للمعارضة فى عهد الفاروق عمر رضى الله عنه:

1- خاطب المسلمين قائلا من رأي منكم في اعوجاجا فليقومه. فأجابوه والله لو جدنا فيك اعوجاجا قومناك بسيوفنا. وتلقي ذلك بكل رحابة صدر وقال: الحمد لله الذي جعل فى هذه الأمة من يقوّم اعوجاج عمر.

2- كما انه هو الذي شجع الرعية علي قول الحق واعطاهم مطلق الحرية للتعبير عن ذلك وحينما خاطبه احدهم قائلا.. اتق الله يا عمر.. وقف احدهم ورفع سيفه ليضرب هذا المتحدث فاوقفه عمر وقال له (لا خير في امة اذا لم تقلها ولا خير فينا اذا لم نسمعها).

3- قام عمر ـ رضي الله عنه ـ يخطب في النّاس فيقول: " أيها النّاس اسمعوا وأطيعوا، فقام له سلمان رضي الله عنه يقول: لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة، فيقول عمر: ولم؟ فيقول سلمان: حتى تبين لنا من أين لك هذا البرد الذي ائتزرت به، وأنت رجل طويل لا يكفيك برد واحد كما أخذ بقية المسلمين! فينادي عمر ولده عبدالله فيقول له: ناشدتك الله! هذا البرد الذي ائتزرت به أهو بردك؟ فيقول نعم! هو بردي أعطيته لأمير المؤمنين، فيقول سلمان: الآن مر! نسمع ونطع!

4- خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرة فعرض لغلاء المهور فقالت له امرأة أيعطينا الله وتمنعنا يا عمر ألم يقل الله (... وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاُ...), فلم يمنعها الحياء أن تدافع عن حق نسائها, ولم يمنع عمر أن يقول معتذرا: كل الناس أفقه منك يا عمر
__________________