مصر..والروح الغائبة
بقلم: د. ياسر نجم
"لا شك أن مجموعة صغيرة من المجتهدين المخلصين تستطيع أن تغير وجه العالم..فلم يسبق لوجه العالم أن تغير إلا بأمثال هؤلاء." مارجريت ميد – مفكرة أمريكية
فن تعطيل الإنجاز
كنت أعمل فى إحدى المستشفيات الكبرى بالقاهرة قبل إنتقالى للعمل مؤقتا بالمملكة المتحدة..وكان يدهشنى ويثير عجبى إصرار "مدير" الوحدة التى كنت أنتمى إليها على عرقلة إنجاز مهم كفيل بإحداث نقلة نوعية فى علاج الأطفال المترددين على الوحدة..والسبب هو أن كل "إنجاز" يدمغ بإسم "رئيس" الوحدة بصرف النظر عن أصحابه الحقيقيين...وكان هذا المدير ينتظر بفروغ الصبر إحالة "الرئيس" للمعاش حتى يحرك الأمور فى إتجاه الإنجاز ليحتفى به الجميع عندما يتم الإنجاز وهو فى منصب "الرئيس"..ولم يكن هذا المدير يخجل من التصريح بنواياه تلك أمامنا..
والنتيجة: تعطيل الإنجاز إلى ما شاء الله..
لقد أحيل الرئيس للمعاش..وأحيل المدير للمعاش أيضا دون أن يتم شىء..لأن ما فعله المدير قبل أن يصير رئيسا، فعله نائب المدير حينما أصبح مديرا..
وإلى الآن..مازال هؤلاء الأطفال يعانون من الآثار التدميرية لهذا الفريق الذى تحول فيه "الفعل" من "الإنجاز" إلى "التعطيل".
كنت فى البدء أشعر بالحنق على فريق كتب على أن أكون محسوبا عليه..و مع الوقت أدركت أن هذا الفريق ليس حالة متفردة على مستوى المحروسة،فهو حالة تقليدية معتادة ومتكررة فى شتى أنحاء الوطن..ليس فى مواقع العمل فحسب،ولكن أيضا فى السياسة وفى التعليم وفى وسائل الإعلام وفى الرياضة وفى الفن وسائر المجالات..أنه فن تعطيل الإنجاز!!
لقد أثبت الدكتور أحمد زويل أن عبقريته لا تقتصر على إبداعاته داخل المعمل فقط، حينما وضع يده على (غياب روح الفريق) كأهم أسباب تدهور أحوال هذا البلد.
المشكلة أن العالم يتقدم ويتطور ويتعقد بمرور الزمن..ويتصاعد طرديا الإحتياج للعمل بروح الفريق مع هذا التطور..فالفرد الواحد أعجز من أن ينجح وحده فى تحقيق أهدافه..والفريق الفاشل ليس أقل عجزا..
وهكذا يرى كل متأمل منصف أن تخلف أى بلد ليس إلا مجموع إنتاج عدة فرق فاشلة بغض النظر عن مدى كفاءة الأفراد أو كثافة جهودهم...أما تقدم أى بلد، فيعود لمحصلة إنتاج حزمة من الفرق الناجحة..حتى ولو كان الأفراد أقل كفاءة وجهدا..
"روح الفريق هى الوقود الذى يجعل الناس العاديين يحققون نتائج غير عادية" – حكمة عالمية شهيرة..
روح الفريق فى المرجعية الإسلامية
لا أعتقد أن الإنسانية عبر تاريخها قد شهدت فكرا تتغلغل فيه روح الفريق والجماعة بالقدر الذى نراه فى الدين الإسلامى..بدءا من قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) آل عمران – 103 ...الذى يتبعه المولى عز وجل فى الآية التالية بقوله : (ولْتَكُنْ منْكمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ، وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ). (آل عمران: 104) حثا للعمل دائما فى إطار (فريق)..ثم الأحاديث الصحيحة العديدة للرسول عليه الصلاة والسلام التى تتناول الفكرة نفسها:
(عليكم بالجماعة ، وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد . من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن) - رواه الترمذى..
(إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ، ويد الله على الجماعة ، ومن شذ شذ في النار) - رواه الترمذي..
(الجماعة رحمة والفرقة عذاب) - رواه ابن أبي عاصم في السنة..
وانتهاءا بمناسك العبادات التى قررها أولا القرآن فى مثل هذه الآية الكريمة:
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) – الكهف 28..فى تقدير بليغ لأهمية (الإستقواء) بأصحاب الأهداف المشتركة والإنصراف عمن تشغلهم أهواؤهم الشخصية عن تحقيق هذه الأهداف..
إنها الشريعة الغراء التى تجعل لمن يصلى فى جماعة من الثواب سبعة وعشرين ضعفا مقارنة بمن يصلى منفردا..وتحرص على مساواة الصف وسد الفرج وألا يصلى أى فرد وحده فى صف جديد...وتكرر هذا التدريب على إلتزام الفريق خمس مرات يوميا..فضلا عن شهر رمضان الذى يشهد صياما جماعيا وتوحيدا لموعد تناول الطعام وحثا على تكافل المجتمع كله فى وحدة واحدة...تختتم كل سنة ب(صلاة العيد) الجماعية..ثم الحج الذى يجتمع فيه سنويا ملايين الأفراد فى زى واحد بسيط..أيا كان لونهم أو جنسهم أو ووطنهم أو حالهم المادى أو الإجتماعى..يؤدون نفس المناسك فى نفس الوقت ونفس المكان وبنفس النظام..
وقد أثبت التاريخ الإسلامى فى مطلعه تطبيقا عمليا فريدا من نوعه لهذه المبادىء تجسد أولا فى إعلاء الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام لها..وبلغ هذا الإعلاء ذروته فى حالة إنسانية وحيدة لم يرى التاريخ مثلها..هى حالة (الإخاء) بين المهاجرين والأنصار فى المدينة المنورة:
(والذين تبوأوا الدار والإيمان يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) – الحشر 9..
وكما تجلت روح الفريق فى السلم، تجلت فى الغزوات الإسلامية الأولى فى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وخليفتيه أبى بكر وعمر الذى أعطى عهده أبعادا جديدة للعمل الجماعى فى إدارة شئون الدولة الإسلامية مترامية الأطراف..
وتوازى السقوط الإسلامى فى فخ الفرقة مع انهيار العمل الجماعى وتدهور أحوال الدولة الإسلامية على المستوى الإنسانى وإن استمرت نجاحاتها على المستوى التوسعى..
وما أن عادت للدولة الإسلامية قدرتها على الإنتاج الحضارى المبهر فى عهد الدولة العباسية والتجربة الاندلسية التى شهدت جهدا إبداعيا جماعيا صهر خلاصات الإنجاز المعرفى من الشرق والغرب فى بوتقة واحدة ذات هوية إسلامية...حتى عادت لهذه الدولة إشراقاتها التى أصابت الغرب بصدمة حضارية أختتمت بانتصار عسكرى فى حطين..
لم تكتفى المنظومة الإسلامية بمجرد مبادىء أو مقاصد عامة للعمل الجماعى، ولكنها أقرت آليات تطبيقية لضمان فاعليته..فالعمل الجماعى بروح الفريق فى الإسلام ليس غاية أو مقصدا فى حد ذاته..
العمل الجماعى بروح الفريق فى الإسلام هو الوسيلة الأهم لتحقيق الإصلاح المنشود فى الدنيا والسعادة الأبدية فى الآخرة..وقد ألزم الإسلام أمته بقواعد أساسية لتفعيل العمل الجماعى..ومن أبرز هذه القواعد:
- تجانس الفريق..ففى فتح مكه على سبيل المثال حرص الرسول عليه الصلاة والسلام على أن يقسم الجيش الفاتح إلى أربعة فرق..كان منها فريق للمهاجرين بقيادة رجل منهم هو أبى عبيدة بن الجراح وآخر للأنصار بقيادة رجل منهم هو سعد بن عبادة..مراعاة لتجانس كل فرقة تحت أمرة قائد له تاريخه فى قيادة كل مجموعة..
- وضوح الهدف..كما ورد في الصحيحين عن أبي موسى: (أن رسول الله عليه الصلاة والسلام سئل عن الرجل يقاتل شجاعة، والرجل يقاتل حمية، والرجل يقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
- توافق قيم الأفراد مع قيم الفريق: على الرغم من أن موضوع الجزية يشهر دائما من قبل أعداء الإسلام على أنه نقطة هجوم..فإنه فى حالتنا هذه دليل عظيم على حكمة الشريعة الإسلامية..فالدولة الإسلامية لم تكن قائمة مثل دولنا العصرية على مبدأ (المواطنة)..ولكنها دولة قامت على أساس عقدى..وبالتالى فإن الدور الرئيسى لجيوشها كان الدفاع عن العقيدة ودولتها..واتساقا مع هذا المبدأ لم يكن من المنطقى أن يطلب ممن لا يؤمن بهذه العقيدة أن ينخرط فى فريق تتعارض قيمه مع قيم هذا الفرد..ومن هنا كان فرض الجزية على غير المسلمين..فى مقابل أن يتولى المسلمون الدفاع عنهم باعتبارهم مواطنين فى دولة لا يؤمنون بمبادئ جيشها..ولكنهم فى الوقت نفسه يتعايشون فى سلام مع أهلها..ومن هنا جاء نجاح الفريق العسكرى الذى إقتصر على أفراد تتوافق قيمهم مع قيم هذا الفريق..وفى الوقت نفسه نجح الفريق المدنى الذى يتعايش جميع أفراده تحت مظلة سلمية تكفل لهم العدالة الإجتماعية بعيدا عن التجنيد الذى اقتصر على المسلمين وبديله المالى الذى اقتصر على غير المسلمين..
- الثقة فى النجاح.. في غزوة الأحزاب أثناء حفر الخندق..قابلت المسلمين صخرة صلبة تحطمت عليها معاولهم..فاستغاثوا بالمصطفي فضربها ضربة صدعها وأضاءت ماحولها فكبر وكبر المسلمون خلفه وضربها ثانية فحدث مثلما حدث في المرة الأولي وكبر الرسول صلي الله عليه وسلم وكبر خلفه المسلمون ثم ضربها ضربة ثالثة أتت عليها فكبر النبي تكبيرة الفتح وكبر المسلمون خلفه..قال سلمان الفارسي: بأبي انت وامي يارسول الله لقد رأيت شيئا مارأيت مثله قط.. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ضربت ضربتي الأولي فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسري وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها.. وضربتي الثانية اضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم فأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها.. وضربتي الثالثة اضاءت لي منها قصور صنعاء وأخبرني جبريل عليه السلام ان أمتي ظاهرة عليها فأبشروا.. فأستبشر المسلمون وقالوا الحمد لله وعدنا النصر بعد الحفر..وقال المنافقون: يعدكم الباطل ويخبركم انه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسري وأنها تفتح لكم وانتم تحفرون الخندق من الفرق( الخوف) فنزل قوله تعالي: (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ماوعدنا الله ورسوله إلا غرورا)
- الإخلاص..وفى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذى رواه الدارقطنى: (يد الله على الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه , فإذا خان أحدهما صاحبه رفعها عنهما (
- تكامل الإمكانيات..فلا يخفى على كل قارىء للتاريخ الإسلامى إختلاف إمكانيات الصحابة رضوان الله عليهم بين قوة وشدة عمر ورقة ورفق أبى بكر وحلم عثمان إلى جانب إمكانياته المادية التى دعم بها المسلمين كثيرا وقت الحاجة..مع حكمة وشجاعة على..والكفاءة العسكرية لخالد بن الوليد والعلم الغزير لمعاذ بن جبل وعذوبة صوت بلال بن رباح وأبى موسى الأشعرى إضافة إلى الإمكانيات المتعددة لسائر الصحابة..وكتب السيرة ذاخرة بالمواقف التى استغل فيها الرسول عليه الصلاة والسلام إمكانيات كل هؤلاء لخدمة جماعة المسلمين..وقد استمر هذا التميز فى إستغلال إمكانيات المسلمين فى عهود الخلفاء و طوال عصور إزدهار الدولة الإسلامية..فنرى فى بغداد والأندلس تسخيرا واعيا لإمكانيات النابهين من أبناء الدولة فى منظومة حضارية متكاملة..وقد شملت هذه المنظومة بالرعاية غير المسلمين..فنجد النابغين من اليهود والنصارى وقد تبوأوا مناصب الوزارة ورئاسة دور العلم ودور المال نظرا لتميزهم فى مجال أو آخر..
- إعلاء مصلحة الفريق فوق مصالح الأفراد..بالطبع لا نحتاج لذكر أية نصوص أو أمثلة تاريخية أو قواعد فقهية فى هذا المقام..فهل يوجد أكبر من الإستشهاد فى سبيل الله دليلا على التضحية بالنفس فى سبيل تحقيق أهداف الفريق؟!
- الإيجابية.. عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا) - رواه البخاري
- انتخاب قائد.. ففي الحديث النبوي: (إذا كُنتم ثلاثة فأمِّروا أحدَكم) – رواه البيهقى..
- مراعاة الموضوعية فى إختيار القائد: حرص الشرع الإسلامى بجميع درجاته على تحديد معايير موضوعية لإنتخاب القائد..وقد إختلفت تلك المعايير من موقف لآخر ومن زمن لآخر حسب معطيات الظرف الزمانى والمكانى..ولكن فى جميع الأحوال ظل الحرص شديدا على مراعاة أفضل المعايير لهذا الإختيار..
- رضا الفريق عن هذا القائد..للحديث الذى رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: (ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: وذكر منهم رجلا أمّ قوماً وهم له كارهون.)
- التزام هذا القائد بالشورى..لأمره تعالى في سورة الشورى: (وأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)-الشورى: 38، وفي سورة آل عمران: (وَشَاوِرْهُمْ في الأَمْرِ)- آل عمران:159
- حسن توزيع الأدوار على أعضاء الفريق..وقد شملت هذه القاعدة مراعاة أن يكون توزيع الأدوار بحسب الكفاءة..لا بالقرابة ولا بالهوى، كما شملت مراعاة التخصص فى إسناد الأدوار لمن يتميزون بالخبرة فى هذا المجال أو ذاك..وقد رأينا الرسول عليه الصلاة والسلام يستعين بأهل الحرب والحنكة العسكرية ويستهدى بآرائهم فى كل غزواته..كما رأيناه يستعين بدليل يهودى فى رحلة الهجرة..وقد سبق فى هذا المقام ذكر لجوء الخلفاء من بعده للمتخصصين فى كل مجال للخروج بأفضل إنجاز ممكن للفريق ككل..
- تقدير أعضاء الفريق..وقد أعلى الإسلام شأن القيمتين..فالتقدير المعنوى أهم فى العمل التطوعى..لهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يطلق الألقاب المستحقة على أصحابه ويمتدحهم ويبشرهم..من أبى بكر الذى يعدل إيمانه نصف الأمة وعمر الفاروق الذى يفر الشيطان حينما يراه وعثمان الحيى وعلى القريب من الرسول إلى العشرة المبشرين بالجنة وأمين الأمة وسيف الله المسلول والأمثلة لا حصر لها...أما فى العمل الإحترافى فقد ورد فى الحديث عنه: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) – رواه أبو هريرة
- طاعة القائد طالما أن الشروط السابقة قد توافرت فيه..ففى صحيح مسلم عن أبى هريرة: (من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة ، فمات ، مات ميتة جاهلية . ومن قاتل تحت راية عمية ، يغضب لعصبة ، أو يدعو إلى عصبة ، أو ينصر عصبة ، فقتل ، فقتلة جاهلية . ومن خرج على أمتي ، يضرب برها وفاجرها . ولا يتحاش من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهد عهده ، فليس مني ولست منه)..
- تبادل القيادة..شهدت الغزوات المختلفة فى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وخلفائه تبادلا لأدوار القيادة..فمن الصحابة من كان قائدا فى بعض المعارك على الآخرين..ومن هؤلاء الآخرين من كان قائدا فى معارك أخرى إنضوى تحت لواء الجندية فيها القائد فى المعارك السابقة..حسبما تتطلب الأحوال والظروف..
- الشفافية..بلغ عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن سعدا صنع بابا على باب الإمارة فمن يأتي يطرقه فقال يا بن مسلمة أذهب فاكسر الباب وقل له يا سعد يا خال رسول الله من حجب بينه وبين الرعية حجب الله بينه وبين الجنة يوم القيامة..
- التواصل مع العالم الخارجى.. كتب أبو موسى الأشعرى وميمون بن مهران وقرة بن خالد (ولاة الأمصار) إلى عمر يخبرونه بأن الرسائل التى يرسلها أمير المؤمنين ليس لها تاريخ..فلا ندرى على أيها نعمل..عرض عمر الامر للمشورة والحوار...واستعان هاهنا ب (الهرمزان) وهو واحد من أهل اليمن (كان اليمن فى ذلك الوقت أكثر تقدما من الحجاز)...فقال لعمر: ( إن لنا حسابا نسميه ماءروز وهو حساب للشهور والأيام- فقرر عمر أن يبدأ التأريخ الهجرى للأمة..
روح الفريق سر النجاح
"إخلاص الفرد لجهود المجموعة..إنه سر نجاح أى فريق..سر نجاح أية شركة..سر نجاح أى مجتمع..سر نجاح أية حضارة." فينس لومباردى – أحد أشهر المدربين فى تاريخ كرة القدم الأمريكية
إذا جبت العالم من شرقه لغربه..من شماله لجنوبه، ستجد أن القواعد العصرية لعمل الفريق واحدة وأن أسس نجاح الفريق واحدة..سواء كان هذا الفريق..فريق من رواد الفضاء فى (ناسا) أو فريق من الباحثين العلميين فى الهندسة الذرية أو فريق كرة قدم أو فريق من الفنانين فى فيلم سينمائى أو فريق من السياسيين فى حكومة إئتلافية أو فريق من الصيادين فى عرض البحر..
يقرر الخبراء أن الشروط الأساسية لنجاح أى فريق هى:
- القائد الناجح..وأهم ما يميزه: - قيادة الفريق للتركيز على المسائل الأكثر
أهمية
- تحفيز التواصل بين أعضاء الفريق
- قيادة الفريق فى عملية مستمرة تبدأ بالتعرف
على المشاكل وتنتهى بالوصول للهدف من
خلال خطة عمل محكمة وعملية..
- أهداف سليمة
- أعضاء يعتمد عليهم..وأهم ما يميزهم: - التجانس
- عدم وجود أجندة خفية أو أهداف
شخصية تتعارض مع أهداف
الفريق أو أهداف باقى الأعضاء
- مكان الإلتقاء: يسمح بالتركيز ولا يسمح بالتشتت
- خطة عمل مكتوبة
- متابعة سير خطة العمل
- التواصل المستمر
- الإحتفال بالنجاحات
روح الفريق ببساطة = "أنا" أقل و"نحن" أكثر..ويقارن الخبراء بين سمات الفريق الناجح وتلك التى تميز الفريق الفاشل..فيذكرون القيادة القوية ووضوح الهدف وإعلاء مصلحة الفريق فوق المصالح الشخصية وتوافق قيم الأفراد مع قيم الفريق ككل وتكامل إمكانيات الأعضاء والتعاون بينهم والإخلاص للفريق والثقة فى نجاحه والشفافية وحسن توزيع الأدوار وإنتاجية الإجتماعات والنجاح فى إحتواء الخلافات وإستمرار التفاعل بين الأعضاء وتبادل القيادة ومتابعة حجم الإنجاز والإيجابية والتواصل مع العالم الخارجى كأهم مميزات الفريق الناجح..بينما يقررون على النقيض سمات مثل: غياب الهدف والخلافات الشخصية والخلاف على الأمور الهامشية والسلبية وعدم الإلتزام وعدم تقدير الأعضاء من قبل القيادة وعدم التجانس وفشل الإجتماعات فى الخروج بنتائج مفيدة وفقدان الثقة والإحترام وقلة التواصل واصطياد الأخطاء كأهم مواصفات الفريق الفاشل..
فياترى..هل ترى عزيزى القارىء إختلافا كبيرا أو ثمة تناقض بين متطلبات نجاح العمل الجماعى التى قررها الإسلام منذ عشرات القرون وما قرره العلم الحديث؟ ويا ترى..كم فريق عمل فى مصر يطبق هذه المتطلبات على أرض الواقع؟ وما هو عدد مواقع الإنتاج فى مصر التى يرجى منها تحقيق نجاحات تعلى شأن الوطن فى ضوء ما تقدم ؟ يا ترى هل تنتمى أيها القارىء العزيز لفريق ناجح يتمتع بروح تفتقدها الجماعة المصرية بشكل عام منذ 34 عاما على الأقل؟
د. ياسر نجم
تزوير إنتخابات مجلس الشورى - يونيو 2007
أهلا وسهلا بك فى وسط البلد..أنت الضيف رقم
١٧/٦/٢٠٠٧
٢٣/٤/٢٠٠٧
حفل فى سراى أفندينا
مرسلة بواسطة د.ياسر نجم في ١٠:٥٠ م 3 التعليقات
١٢/٤/٢٠٠٧
.عندما اعتلى الرئيس جمال عبد الناصر منبر الأزهر فى أثناء العدوان الثلاثى...كان يباشر نشاطا سياسيا على مرجعية دينية، وعندما لقب الرئيس السادات نفسه ب(الزعيم المؤمن) وأعلن دولة العلم والإيمان كان يباشر نشاطا سياسيا على مرجعية دينية، وعندما يعلن الحزب الذى يتزعمه الرئيس مبارك أنه (يؤمن بدور الدين فى تحقيق التقدم ونهضة الشعوب) و(يؤمن بالدور الإيجابى للأديان السماوية في تحقيق النهضة والتقدم، ويؤكد على دور الإسلام ومبادئ شريعته السمحاء باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع، وعلى أهمية تجديد الخطاب الديني بما يعكس قيم العمل والتكافل والتسامح، ويمكن من تحقيق العدل والمساواة، ويضع الأساس الصلب لمجتمع يسعى لتحقيق التنمية الشاملة):
http://www.ndp.org.eg/ar/Aboutus/1.aspx
فإنه قطعا يباشر نشاطا سياسيا على مرجعية دينية!!!!!!
إن المادة الخامسة من الدستور فى هيئتها الجديدة التى أصبحت سارية المفعول منذ أسبوعين، والتى تتضمن هذا النص: (لا تجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية دينية)بتلك الصياغة المفتوحة بدون تحديد.. كبلت يدى الحكومة المصرية قبل أن تكبل غيرها...أولا: لأنها تتعارض صراحة مع المادة الثانية..فكيف يكون الإسلام هو دين الدولة، وتكون الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع...ومع ذلك يمنع الدستور فى مادة أخرى (مباشرة أى نشاط سياسى على مرجعية دينية)؟؟؟؟؟!!!!! كيف يمنع الدستور مباشرة أى نشاط سياسى على مرجعية المصدر الرئيسى للتشريع فى الدولة؟؟؟؟؟!!!! كيف يناقش السياسيون أى قانون اذا كانوا ممنوعين من تلك المناقشة بحكم الدستور؟؟؟!!!
ثانيا: لا يوجد مناص من أن تلجأ الدولة للمرجعية الدينية فى تسيير أنشطتها السياسية..سواء بحكم ان هذه المرجعية متأصلة فى وجدان وفى تراث وفى ثوابت الشعب المصرى ،أو بحكم أن الدولة تحتاج ل(إستخدام) هذه المرجعية فى العديد من المواقف والأحداث السياسية..بدءا من الأمثلة المذكورة فى إفتتاحية هذا المقال ومرورا بشعار (الله أكبر) فى حرب أكتوبر ونهاية بالدور الذى تلعبه الرموز الدينية فى التأثير على الشعب سياسيا كما حدث من شيخ الأزهر والبابا شنودة فى الإستفتاء الأخير..فضلا عن الإستضافات الأسبوعية لمفتى الديار المصرية فى برنامج البيت بيتك)..المنبر الرئيسى للإعلام الحكومى حاليا.
إن أحترام هذه المادة من الدستور يقتضى من السيد رئيس الجمهورية وكبار رجال الدولة الإلتزام بالآتى:
- تغيير مبادىء الحزب الوطنى المذكورة فى إفتتاحية هذا المقال.
- ما يترتب على هذا التغيير من بطلان انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس الشعب إذ أن من نجحوا فى هذه الإنتخابات قد نجحوا بناءا على ثقة الشعب فى هذه المبادىء (على فرض أن نتائج الإنتخابات ليست مزورة).
- إستقلال الأزهر عن الدولة وإلغاء وزارة الأوقاف وإلغاء إشراف الدولة على المساجد.
- الإنسحاب من منظمة المؤتمر الإسلامى.
- عدم الإستعانة بالبسملة وآيات القرآن الكريم فى الخطب والبيانات الرسمية والأحداث السياسية.
- عدم حضور رئيس الجمهورية للإحتفالات الدينية أو نقل وقائع حضوره لصلاة الجمعة أو صلاة العيدين، وعدم الحديث عن تعاليم الإسلام فى معرض اللقاءات الإعلامية.
- عدم الإستعانة بالرموز الدينية مثل شيخ الأزهر والبابا والمفتى فى الإدلاء بآراء أو فتاوى أو تصريحات تتعلق بأى من الأمور السياسية، وعدم ظهورهم ضمن كبار رجال الدولة فى المناسبات الرسمية.
إن الصيغة الحالية للمادة الخامسة من الدستور عرضت المرجعية الدينية من خلال تعبير (أى نشاط سياسى) لعدم الدستورية..بصرف النظر عن ماهية هذا النشاط..
ولن تحل أية تعريفات فى القانون الجديد لمباشرة الحقوق السياسية المشكلة لأن الدستور ملزم للقانون وليس العكس..والنص الدستورى لم يربط النشاط السياسى بتعريف محدد سواء فى القانون أو غيره ولكنه فتح الأمر للعمومية بلفظ (أى) السابق لتعبير (نشاط سياسى).
هل تنوى الدولة حقا إحترام المادة الخامسة التى لا يوجد نظير لها فى أى دستور فى العالم؟ أم انها كالعادة تنوى استخدام هذه المادة بشكل انتقائى يتآلف مع استخدامها (الإنتقائى أيضا) للمادة الثانية من الدستور؟؟؟؟!!!! هذا الإستخدام الإنتقائى الذى يخدم مصالح الحكومات دون المواطنين هو ما عهدناه من الأنظمة الحاكمة فى مصر عبر العهود...
ونحن كمواطنين فى دولة محكومة بالحديد والنار..لا نملك من الأمر إلا أن نذكر السادة كبار رجال الدولة أنهم قد أقسموا عند توليهم مهام مناصبهم على إحترام الدستور..ولذلك فإننا ندعوهم لأحد أمرين: إما أن يبروا بقسمهم، أو أن يصوموا ثلاثة أيام كلما أتوا بأحد الأنشطة السياسية (ذات المرجعية الدينية)..(فى حالة الرئيس مبارك يضرب العدد فى خمسة..بعدد مرات أداء القسم)...ولكن هنا يثور من جديد سؤال آخر: أليس القسم الجمهورى نفسه نشاطا سياسيا ذا مرجعية دينية؟؟؟؟ أليس فى القسم (بالله العظيم) إشارة لمرجعية دينية؟؟؟؟!!!
لخبطتونا..منكم لله!!!!
د.ياسر نجم
مرسلة بواسطة د.ياسر نجم في ٣:٥٠ ص 0 التعليقات
٤/٤/٢٠٠٧
صالون وسط البلد: الدين والسياسة..تأصيل ورد شبهات
عناوين أخرى:
الدِّين والسياسة ضوء على المفاهيم
مفهوم كلمة الدين
مفهوم كلمة السياسة لغة واصطلاحا
السياسة عند الفقهاء
السياسة عند الحكماء (الفلاسفة)
السياسة عند الغربيين
العلاقة بين الدِّين والسياسة عند الإسلاميين والعلمانيين
إنكار فكرة (شمول الإسلام)
فصل الدِّين عن السياسة
تهمة الإسلام السياسي!
السياسة بين النص والمصلحة
السياسة بين الجمود والتطور
الدِّين والدولة في الإسلام
من حق الإسلام أن تكون له دولة
من حق الإسلاميين أن يكون لهم حزب سياسي
دولة الإسلام دولة مدنية مرجعيتها الإسلام
الدولة الإسلامية دولة شورية تتوافق مع جوهر الديمقراطية
الدولة الإسلامية وحقوق الأقليات
الدولة الإسلامية وحقوق الإنسان
العلمانية: هل هي الحل أو هي المشكلة؟
دعوى العلمانية الإسلامية!!
الأقليات الإسلامية والسياسة
خاتمة
مرسلة بواسطة د.ياسر نجم في ٢:٣٥ ص 0 التعليقات
التسميات: صالون وسط البلد
شخصية الشهر: عمر بن الخطاب..أول حاكم مدنى فى الإسلام
أمير المؤمنين:
منذ تأسيس الدولة الإسلامية مع هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة..كان الوحى الإلهى رفيقا للمسلمين...وكان الرسول عليه الصلاة والسلام..زعيم الأمة يقود الناس بهدى هذا الوحى وتوجيهه الربانى.. صحيح ان الرسول عليه الصلاة والسلام كان فى الأمور التى سكت عنها الوحى (وخاصة التفاصيل التقنية مثل: فنيات الحروب و العلوم الدنيوية ) يتصرف من تلقاء خبراته الشخصية عليه الصلاة و السلام كما انه كان يستشير المتخصصين من الصحابة فى مثل هذه الأمور...إلا أن صحابته رضى الله عنهم بقوا طوال حياته عليه الصلاة والسلام مظللين بالعناية الإلهية التى تنزل عليهم التعاليم الشرعية بشكل متواصل...فكانوا دائما مطمئنين إلى أن المسيرة لن تحيد عن الحق أبدا...
و مع وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام..إنقطع الوحى وشعر المسلمون بعظم المصيبة التى ألمت بهم...فمنذ هذه اللحظة عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم فى إدارة شئون الدولة الإسلامية بالشكل الذى يتوافق مع ما انتهى إليهم من قرآن وسنة شريفة ومبادىء زرعها فيهم الإسلام.... بتعبير آخر: انتهى دور القيادة الدينية للدولة...وأصبح على القيادات المدنية (التى ليست لها قداسة و ليست معصومة من الاخطاء البشرية وليس لها حق إلهى فى القيادة أو الحكم و تقود بناءا على فكرها الشخصى و أسلوبها فى الإدارة ) أن تؤسس مبادىء للحكم تستند إلى المرجعية الإسلامية ولكن بدون ان يكون لديها نموذج معين تتبعه....فالدول الأخرى فى الشرق والغرب ليست إلا إمبراطوريات تتعارض مبادئها مع مبادىء الإسلام...والنموذج الإسلامى المتوارث من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينضج بعد مدنيا نظرا لإنشغاله بالدعوة وتأسيس العقيدة طوال حياته..وقد وافته المنية صلى الله عليهوسلم بمجرد إنتهاء الدور الدعوى تقريبا...وقبل ان تتسع أطراف الدولة الإسلامية على الهيئة التى تستدعى تنظيم أمورها بشكل متكامل... وكان المتصور أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه هو الذى سيقوم بهذا الدور..ولكن أدى قصر عمر ولايته (عامين فقط) مع إنشغال الامة آنذاك بحروب الردة (لإستكمال تأسيس العقيدة والدور الدعوى للرسول عليه الصلاة والسلام) بالإضافة إلى الفتوحات حال دون إضطلاعه رضى الله عنه بهذا الدور...
وحينما جاء دور عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى الحكم بعد أبى بكر...واستمرت ولايته عشر سنوات إتسعت فيها الدولة الإسلامية من فارس شرقا إلى مصر غربا...ومن الشام شمالا إلى اليمن جنوبا..كان لابد من تأسيس نظام ومبادىء للحكم المدنى فى الدولة... وبذلك أصبح عمر رضى الله عنه اول من يقوم بدور الحاكم المدنى للدولة الإسلامية الناشئة...والدارس لشخصية عمر بن الخطاب رضى الله عنه سيدرك على الفور أن أسلوبه فى الإدارة سيعتمد على تحمله هو وحده كل المسئولية فى هذا الشأن...فمن الأصول الثابتة فى شخصيته رضى الله عنه إيمانه الشديد بمبدأ: مسئولية الراعى عن رعيته...وان الله سائله عن كل رعايا دولته بما فيهم الحيوانات....حتى لو ادى ذلك إلى هلاكه رضى الله عنه فى تحمل هذه المسئولية...اما ما كان لا يطيق فعله...فكان يحاول أن يكلف به من يثق فى دينهم ثقة شديدة على أن يكون الرجوع إليه أيضا فى المنتهى...وهو نوع من مركزية الحكم عابها البعض عليه رضى الله عنه... ومن الجدير بالذكر أن المسلمين كانوا يسمون أبا بكر ب(خليفة رسول الله ) ثم بدأوا يسمون عمر ب (خليفة خليفة رسول الله )..ولكن عمرو بن العاص استطال الإسم...فأطلق على عمر لقب (أمير المؤمنين)..وهو اللقب الذى انتشر فيما بعد...وساهم فى المزيد من إزالة القدسية عن أمير المؤمنين...ولكن الخلفاء استمروا فى استخدام لقب الخليفة حتى بعد أنتهاء عصر الخلافة الراشدة وتحولها إلى نوع من الملك الوراثى وهو نوع من الحكم يخالف تعاليم الإسلام... ولكن ماذا فعل عمر لتأسيس الدولة الإسلامية المدنية؟ وكيف أجتهد فى ذلك رغم عدم وجود نموذج ثابت أمامه؟
كانت البداية فى اليوم الثالث بعد توليه الحكم..إذ خطب خطبة فى المسلمين تعتبر بمثابة: ( بيان سياسة الدولة فى عهده ) وكان أهم ما ورد فيها: - إنما مثل العرب مثل جمل أنف(ذلول) اتبع قائده فلينظر قائده حيث يقوده..أما أنا فورب الكعبة لأحملنهم على الطريق (هنا مبدأ: إصراره على إتباع طريق الشريعة الإسلامية حتى وإن لم يرض الناس ) - ولست أدع أحدا يظلم احدا أو يتعدى عليه حتى أضع خده على الأرض وأضع قدمى على الخد الآخر حسث يزعن بالحق (هنا مبدأ: مسئولية الحاكم عن استتباب العدل وقهر الظالمين) فى هذه اللحظة تفقد عمر الوجوه فوجد الرعب والرهبة والجزع قد إرتسمت عليها فواصل كلامه قائلا: "إنما تكون تلك الشدة على أهل الظلم والتعدى على المسلمين..فأما اهل السلامة والدين والقسط فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض..وانى بعد شدتى تلك أضع خدى على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف" (هنا مبدأ: خضوع الحكومة للمواطنين الصالحين) - لكم على ألا أجتبى شيئا من خراجكم ولا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه (هنا مبدأ: الحفاظ على حقوق الملكية الخاصة مع الإحتفاظ بحق الدولة فى الزكاة أو الضرائب..إلخ..إلخ..) - ولكم على إذا وقع فى يدى ألا يخرج منى إلا فى حقه (هنا مبدأ: الإلتزام بترشيد نفقات الدولة) -ولكم على أن أزيد عطاياكم و أرزاقكم إن شاء الله تعالى (هنا مبدأ: رفع مستوى المعيشة للمواطنين) - وأسد ثغوركم (هنا مبدأ: الحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه الذى يقسم عليه رؤساء الدول الحديثة) - ولكم على ألا ألقيكم فى المهالك (هنا مبدأ: الحفاظ على قيمة الإنسان ولتطمين المواطنين بعد المبدأ السابق) -ولا أجمركم (احبسكم) فى ثغوركم وإذا غبتم فى البعوث فأنا أبو العيال (هنا مبدأ الرحمة بالجنود ومسئولية الدولة عن أهاليهم مسئولية كاملة فى غيابهم) -فاتقوا الله عباد الله وأعينونى على أنفسكم بكفها عنى (هنا مبدأ التوجيه بالمحافظة على السلوك الإسلامى العام لتقليل الشكاوى و القضايا ) -واعينونى على نفسى بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإسدائى النصيحة فيما ولانى الله من أمركم (هنا مبدأ مراجعة الحاكم والتوجيه الشعبى لسياساته)
مبادىء السياسة العمرية:
- تطبيق الشريعة الإسلامية
- مسئولية الحاكم عن استتباب العدل وقهر الظالمين
- خضوع الحكومة للمواطنين الصالحين
- الحفاظ على الملكية الخاصة مع مراعاة حق الدولة فى إقتطاع الزكاة والضرائب
- ترشيد نفقات الدولة
- السعى لرفع مستوى معيشة المواطنين
- الحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه
- الحفاظ على قيمة الإنسان
- الرحمة بالجنود ومسئولية الدولة مسئولية كاملة عن أهاليهم فى غيابهم
- التوجيه بالمحافظة على السلوك العام
- حق الشعب فى مراجعة الحاكم وتوجيه سياساته
أبو العيال
كان إختيار المسلمين لعمر رضى الله عنه فى خلافة أبى بكر بالأغلبية الكاسحة ولم يكن إجماعا...وذلك على الرغم من مكانة عمر رضى الله عنه بين المسلمين وأسبقيته لهم جميعا من بعد أبى بكر بشهادة الرسول عليه الصلاة والسلام...إلا أن ذلك لم يمنع المجتمع الإسلامى الناشىء آنذاك من قبول (تيار معارض) يعبر عن رأيه بكل حرية و يدلى بدلوه فى قضية تمس مستقبل الأمة..
وقبل ان نسترسل فى إستعراض التطبيقات العملية للبرنامج السياسى العمرى يجدر بنا أن نتوقف عند قصة إختيار عمر للخلافة...ذلك أن فيها من المعانى الراقية ما لا يجب ان يمر دون تفكر وتدبر... لما أحس أبو بكر بدنو أجله...طلب من المسلمين أن ينتخبوا غيره لخلافته: ( أمروا عليكم من أحببتم فإنكم إن امرتم فى حياتى كان أجدر ألا تختلفوا بعدى ). ذهب الناس ليتشاوروا عملا بنصيحة أبى بكر ولم يتفقوا..فرجعوا إليه وفوضوه فى أن يختار لهم..ثقة منهم فى فطنته رضى الله عنه وحرصه على مستقبل المسلمين...قرر أبو بكر أن يختار عمر لخلافته بناءا على تفويض الأمة له ولكنه حتى فى ظل هذا التفويض لم يجعل لقراره الحكم النهائى..فبدأ رضى الله عنه سلسلة جديدة من المباحثات مع (كبار رجال الدولة) او ما يمكن أن نسميه (مجلس الشورى) المكون من كبار الصحابة وأصحاب الرأى ليستطلع رأيهم فى عمر بن الخطاب..فدعا أولا عبد الرحمن بن عوف وكان رأيه: (ما تسألنى عن أمر إلا وأنت أعلم به منى..هو والله أفضل من رأيك فيه) ثم عثمان: ( علمى بعمر أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله ) ثم أسيد بن حضير: ( اللهم أعلمه الخيرة بعدك. يرضى للرضا ويسخط للسخط والذى يسر خير من الذى يعلن ولن يلى هذا الأمر أحد أقوى عليه منه. ) .... إلا أن المعارضة لم تقف ساكنة..فتحرك بعضهم وذهبوا لمقابلة أبى بكر: ( ما أنت قائل لربك إذا سألك عن إستخلاف عمر علينا..قد ترى غلظته وهو إذا ولى كان أفظ وأغلظ.)...فى الأحوال العادية قد نرى حاكما فى مثل هذا الموقف ينكل بالمعارضة...خاصة وأن معه تفويضا من الأمة وكذلك موافقة من (مجلس الشورى)..إلا أن أبا بكر لم يفعل..ولكنه قال: ( أجلسونى)..فلما جلس قال: ( أبالله تخوفوننى؟!!!!! خاف من تزود من أمركم بظلم..أقول اللهم إنى إستخلفت على أهلك خير أهلك..)..ثم توجه لمندوب المعارضين : ( أبلغ عنى ما قلت لك من وراءك )...واضطجع أبو بكر مرة أخرى ودعا بعثمان رضى الله عنه ليملى عليه قراره الذى أقرته الأغلبية: (بسم الله الرحمن الرحيم...هذا ما عهد به أبو بكر بن أبى قحافة فى آخر عهده بالدنيا خارجا منها وأول عهده بالآخرة داخلا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب:إنى إستخلفت عليكم بعدى.............................................. .....................) ولم يكمل حيث أخذته غشية فذهبت به قبل أن يسمى أحدا..فكتب عثمان من تلقاء نفسه ( عمر بن الخطاب )...فلما أفاق أبو بكر قال: ( إقرأ على ما كتبته ) فقرأ عليه ذكر عمر..فكبر أبو بكر بصوت عال وقال: ( أراك خفت أن تذهب بى غشيتى تلك فيختلف الناس فجزاك الله عن الإسلام خيرا...والله أن كنت لها لأهلا.)..وهنا لنا وقفة..لم يستغل عثمان غيبوبة أبى بكر ليكتب إسمه..بل لم يتركها مفتوحة لإختيار الناس عسى أن يظفر بها...ولكنه رضى الله عنه آثر أن يكمل بنفسه ما إنعقدت عليه إرادة الخليفة وكبار الأمة...حتى لا تكون فتنة وهو ما حرص عليه أبو بكر من قبله..وقد أكبر فيه أبو بكر هذا الموقف وأثنى عليه بما يستحقه...وهو وسام استحقاق الخلافة نفسها لحرصه على إحقاق الحق.. وإستكمل أبو بكر إملاء القرار: ( فاسمعوا له وأطيعوا وإنى لم آل الله ورسوله ودينه ونفسى وإياكم خيرا..فإن عدل فذلك ظنى به وعلمى فيه..وإن بدل فلكل امرىء ما اكتسب والخير أردت ولا أعلم الغيب وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون. )
وكان ما كان بعد ذلك من بيعة المسلمين لعمر ووفاة أبى بكر...ثم ما كان من بيان عمر لبرنامجه السياسى وقد إستعرضناه بمبادئه الأحد عشر فى الحلقة الماضية... والآن تعالوا بنا نتعرض لمواقف حية منفصلة من الحكم العمرى لنتبين معا ما إذا كانت قد مثلت المبادىء النظرية التى أعلنها أم أن التطبيق العملى قد أصابه إختلاف لسبب أو لآخر...
- التاريخ الهجرى: كتب أبو موسى الأشعرى وميمون بن مهران وقرة بن خالد (ولاة الأمصار) إلى عمر يخبرونه بأن الرسائل التى يرسلها أمير المؤمنين ليس لها تاريخ..فلا ندرى على أيها نعمل.. هنا مأزق يقابل الدولة المدنية الصاعدة بمؤسساتها.. المحافظون يريدون قرارات مؤرخة لكى يتابعوا سير التعديلات الإدارية فى هذه القرارات طبقا لتواريخها..والعرب ليس عندهم نظام تقويم تاريخى.. عرض عمر الامر للمشورة والحوار...واستعان هاهنا ب (الهرمزان) وهو واحد من أهل اليمن (كان اليمن فى ذلك الوقت أكثر تقدما من الحجاز)...فقال لعمر: ( إن لنا حسابا نسميه ماءروز -وهو حساب للشهور والأيام- فقرر عمر أن يبدأ التأريخ للأمة..ولكن من أى عام يبدأ التقويم ؟ عودة مرة أخرى ل ( مجلس الشورى) وأدلى بدلوه حينئذ على بن أبى طالب رضى الله عنه وإقترح إقتراحا لاقى قبولا أن يبدأ التقويم من الهجرة..على أساس أن هذا هو التاريخ الحقيقى لتأسيس دولة الإسلام..وإقترح عثمان أن يكون المحرم هو أول شهور العام..على أساس أنه منصرف الناس عن الحج..
. هنا لنا وقفات ثلاث..الوقفة الأولى مع عمر نفسه الذى لم يكن لينفرد برأى وكان يأخذ بالشورى فى الأمور كلها...الوقفة الثانية معه أيضا رضى الله عنه..فهو لم يستنكف أن يقتبس من الآخر واردات الحضارة والتقدم طالما أنها لا تتعارض مع ثوابت الدين..لم يقل: هذه بدعة وكل بدعة ضلالة..لم يقل: لن نتشبه بالكفار ولن نتبع الأمم الأخرى..وهو فى الوقت نفسه حريص على أن يلبس هذا الإقتباس هوية إسلامية...لتعبر عن هذه الأمة وتراثها..فهو لم يأخذ تقويم الماء روز كما هو..هو فقط إقتبس الفكرة ثم عدلها لتناسب المسلمين...الوقفة الثالثة مع النهج الإسلامى نفسه..لم يقترح الصحابة أن يبدأ تقويمهم من يوم مولد الرسول عليه الصلاة والسلام أو يوم وفاته..فلا تقديس لشخص فى النهج الإسلامى (وهو ماسنتعرض له بالتفصيل فى المناظرة نفسها )....التقديس للإسلام نفسه..اما الأشخاص بمن فيهم الرسول عليه الصلاة و السلام فهم عمال لله عزوجل ولدينه العظيم.
- الرئاسة ليست حكرا وليست إرثا وليست مؤبدة: فى يوم تقدم أبو عبيدة بن مسعود الثقفى للسير إلى العراق ومن بعده سليط بن قيس وجمعا من خلفهما ألف رجل للجهاد..وسر عمر سرورا شديدا بإقبال الناس على الجهاد..وهنا صعدت المعارضة من جديد: (أمر عليهم رجلا من السابقين من المهاجرين والأنصار)..فرد عليهم عمر: (لا والله لا أفعل..إن الله إنما رفعكم بسبقكم وسرعتكم إلى العدو...فإن جبنتم وكرهتم اللقاء فأولى بالرياسة منكم من سبق إلى الدفع وأجاب إلى الدعاء..والله لا أؤمر عليهم إلا أولهم إنتدابا)
- عمر والآخر: إذا كنا نتحدث عن دولة إسلامية على أساس العقيدة..فلابد أن الآخر هنا هو أصحاب العقائد الأخرى...وبما أن مصر بلدنا تصلح كنموذج مثالى فى هذا السياق..بإعتبارها أحد أهم البلاد التى فتحت فى عهد عمر - وكانت الغالبية الكاسحة من أهلها آنذاك من النصارى - فينبغى علينا أن نتطرق إلى البيان الرسمى الذى أذاعه عمرو بن العاص بمجرد فتح مصر: ( لا إكراه فى الدين..ولن يضار أحد فى حريته أو ماله بسبب دينه أو مذهبه..فمن شاء أن يبقى ملكانيا أو مونوفسيا فله ما شاء...ومن شاء أن ينتقل من دين إلى دين أو من مذهب إلى مذهب فلن يصاب لذلك بسوء ومن أسلم فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ).. هل يوجد أسمى من ذلك ؟ هل شهد التاريخ كله مثل هذه السماحة والتشجيع على حرية الإعتقاد من قبل جيش غاز منتصر ؟ هل يوجد نظير لمثل هذا من قبل أى دين تجاه أى دين آخر ؟!!!! أليس فى هذا رد على دعاوى وحجج المبطلين ؟؟؟؟!!!!! وقد ذكر أهل الذمة أنفسهم أن أسقفا ملكانيا يدعى ساويرس ظل على مذهبه حتى مات ولم يمسه شخص بسوء..وان رجلا يدعى بنيامين المونوفسى كان يستميل الناس إلى مذهبه بالحجة والبرهان فلا يقف أحد فى سبيله..وبقيت كنائس الملكانيين والمونوفسيين تؤدى فيها الشعائر دون أن يدنس حرمتها أحد... وقد خفف عمر كثيرا من الضرائب الباهظة التى فرضها الروم على المصريين كما ألغى الإمتيازات الطبقية التى كانت موجودة فى العهد السابق..وفرض الجزية فقط على من بقى على دينه ولم يتحول إلى الإسلام وكانت مبلغا زهيدا من المال أعفى منه كل من لا يقدر على حمل السلاح والرهبان و النساء والأطفال...وفى المقابل أعفى الأقباط من الخدمة العسكرية..وهو أمر طبيعى فى دولة قائمة على عقيدة مخالفة لما يؤمنون به.... لذلك لم يكن غريبا أن يخرج البطريرك بنيامين (بطريرك الكنيسة المقبطية آنذاك)..بعد لقائه بعمرو بن العاص ليقول لأتباعه: (عدت إلى بلدى الأسكندرية فوجدت فيها أمنا من الخوف وأطمئنانا بعد البلاء وقد صرف الله عنا اضطهاد الكفرة وبأسهم.) لم يكتف عمر بهذا..ولكنه أيضا اتخذ البطريرك بمثابة (المستشار) فى حكم مصر...فكتب لعمرو بن العاص يطلب منه أن يستشير البطريرك فى خير الوسائل لحكم مصر..وهو ما أسعد البطريرك كثيرا...فأخلص المشورة..
وكان من بين نصائحه: - تحصيل ضريبة الاطيان الزراعية بعد جنى المحاصيل ( حتى لا تثقل الضريبة على الناس ) - حفر الخلجان وإصلاح الجسور وسد الترع ( تطوير مشروعات الرى والطرق ) - صرف مهايا العمال بإنتظام للقضاء على الرشوة - ألا تعطل حقوق الناس - ألا يلى الامور عامل ظالم... وقد كان..أن عمل عمرو بن العاص بوصايا البطريرك..مما كان له أكبر الأثر الإيجابى على تحسن أحوال مصر فى ذلك العهد... ويروى أنه رأى شيخًا من أهل الذمة يستطعم الناس، فسأل عمر عنه، فقيل له: هذا رجل من أهل الذمة كبر وضعف، فوضع عنه عمر الجزية، وقال: كلفتموه الجزية حتى إذا ضعف تركتموه يستطعم؟ ثم أجرى له من بيت المال عشرة دراهم.
الطفل الصغير يستطيع أن يستدر دموعه: ذات مرة وهو سائر وجد أطفالا يلعبون.. فقال واحد منهم: أأبكي لكم أمير المؤمنين؟ قال: يا أمير المؤمنين.. قال عمر: نعم يا بني.. قال له الصبى : أتق الله فقال عمر: فقهها الصبي.... و بكي
الرقابة الإدارية: في أخر عام له فى الحكم..قال: إن عشت العام القادم سوف أذهب الى كل بلد أعيش فيها شهرين فان الرعية لها أمور يحجبها عني الولاة فو الله سوف يكون أحلى عام هذا الذي أقضيه بين الرعية أسمع فيها شكواهم... ولكن القدر لم يمهله رضى الله عنه.. وكان لديه جهاز متكامل من العمال الذين يبعثون له بتقارير عن حركة الولاة فبلغه ذات مرة أن عمرو بن العاص في الفسطاط يجلس بين الناس متكئا وقد كان كبيرا في السن فأرسل اليه رسولا خاصا (محمد بن ابي مسلمة) يقول له : ( من عبد الله بن عمر أمير المؤمنين الى العاصي بن العاص اذا بلغتك رسالتي فاجلس كما كان يجلس رسول الله..) وبلغه أيضا أن سعدا صنع بابا على باب الإمارة فمن يأتي يطرقه فقال: يا بن مسلمة أذهب فاكسر الباب وقل له يا سعد يا خال رسول الله من حجب بينه وبين الرعية.. حجب الله بينه وبين الجنة يوم القيامة..
قرقر أو لا تقرقر: فى عام الرمادة.. لما اشتد الجوع بالناس وكان لايوافقه الشعير والزيت ولا التمر وإنما يوافقه السمن..فحلف لا يأتدم بالسمن حتى يفتح على المسلمين عامه هذا ، فصار إذا أكل خبز الشعير والتمر بغير أدم يقرقر بطنه في المجلس فيضع يده عليه ويقول : ” إن شئت قرقر وإن شئت لاتقرقر ، مالك عندي أدم حتى يفتح الله على المسلمين” أبو العيال: وكان رضي الله عنه أول إنسان في التاريخ يعمل السجلات العسكرية ...فكان لديه سجل بأسماء كل الجنود فى ميادين القتال..وكان يطرق على زوجاتهم.. فيسألهم: هل تريدون شيئا من السوق ؟ فيجيبوه: نعم يا أمير المؤمنين كذا وكذا فيكتب ويحضره حاملا على كتفه وظهره وكان يقول أنا أبو العيال حتى يعود... والأمثلة عديدة ومتنوعة...أكبر كثيرا مما يحتمل هذا المقام...ولا يتسع المجال لإحصائها... رحم الله أبا حفص وجزاه عنا خير الجزاء...
من أوليات عمر:
1. اول من سمى بأمير المؤمنين من الخلفاء
. 2. اول من وضع تأريخا للمسلمين و أتخذ التاريخ من هجره رسول الله صلى الله عليه و سلم.
3. هو اول من عسعس فى الليل بنفسه ولم يفعلها حاكم قبل عمر ولا تعلم أحد عملها بأنتظام بعد عمر
. 4. اول من عقد مؤتمرات سنويه للقاده و الولاه و محاسبتهم و ذلك فى موسم الحج حتى يكونوا فى أعلى حالتهم الأيمانيه فيطمن على عبادته وأخبارهم.
5. أول من أتخذ الدره ( عصا صغيره ) و أدب بها .. حتى أن قال الصحابه و الله لدره عمر أعظم من أسيافكم و أشد هيبه فى قلوب الناس .
6. اول من مصر الأمصار .
7. اول من مهد الطرق و منها كلمته الشهيره ( لو عثرت بغله للعراق لسألني الله تعالى عنها لما لم تمهد لها الطريق يا عمر ) .
من أولياته فى العباده:
1. أول من جمع الناس على صلاه التراويح .
2. هو أول من جعل الخلافه شورى بين عدد محدد .
3. اول من وسع المسجد النبوى .
4. اول من اعطى جوائر لحفظة القرأن الكريم .
فى العلاقات العامه :
1. أجلى اليهود عن الجزيره العربيه
2. أسقط الجزيه عن الفقراء والعجزه من أهل الكتاب
3. أعطى فقراء أهل الكتاب من بيت مال المسلمين
4. منع هدم كنائس النصارى
5. تؤخذ الجزيه من أهل الكتاب على حسب المستوى المعيشى
فى مجال الحرب :
1. أقام المعسكرات الحربيه الدائمه فى
دمشق و فلسطين والأردن
2. اول من أمر بالتجنيد الأجبارى للشباب و القادرين
3. اول من حرس الحدود بالجند
4. اول من حدد مده غياب الجنود عن زوجاتهم ( 4 أشهر )
5. اول من أقام قوات أحتياطيه نظاميه ( جمع لها ثلاثون ألف فرس )
6. اول من أمر قواده بموافاته بتقارير مفصله مكتوبه بأحوال
الرعيه من الجيش
7. أول من دون ديوان للجند لتسجيل أسمائهم و رواتبهم
8. اول من خصص أطباء و المترجمين و القضاه و المرشدين لمرافقه الجيش
9. اول من أنشأ مخازن للأغذيه للجيش
فى مجال السياسه:
1. أول من دون الدواوين
2. أول من أتخذ دار الدقيق ( التموين )
3. أول من أوقف فى الأسلام ( الأوقاف )
4. أول من أحصى أموال عماله و قواده وولاته وطالبهم بكشف حساب أموالهم ( من أين لك هذا )
5. أول من أتخذ بيتا لاموال المسلمين
6. أول من ضرب الدرهم و قدر وزنه
7. أول من جعل نفقه اللقيط من بيت المال
8. اول من مسح الأراضى وحدد مساحاتها
9. أول من أتخذ دار للضيافه
10. أول من أقرض الفائض من بيت المال للتجاره
نماذج للمعارضة فى عهد الفاروق عمر رضى الله عنه:
1- خاطب المسلمين قائلا من رأي منكم في اعوجاجا فليقومه. فأجابوه والله لو جدنا فيك اعوجاجا قومناك بسيوفنا. وتلقي ذلك بكل رحابة صدر وقال: الحمد لله الذي جعل فى هذه الأمة من يقوّم اعوجاج عمر.
2- كما انه هو الذي شجع الرعية علي قول الحق واعطاهم مطلق الحرية للتعبير عن ذلك وحينما خاطبه احدهم قائلا.. اتق الله يا عمر.. وقف احدهم ورفع سيفه ليضرب هذا المتحدث فاوقفه عمر وقال له (لا خير في امة اذا لم تقلها ولا خير فينا اذا لم نسمعها).
3- قام عمر ـ رضي الله عنه ـ يخطب في النّاس فيقول: " أيها النّاس اسمعوا وأطيعوا، فقام له سلمان رضي الله عنه يقول: لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة، فيقول عمر: ولم؟ فيقول سلمان: حتى تبين لنا من أين لك هذا البرد الذي ائتزرت به، وأنت رجل طويل لا يكفيك برد واحد كما أخذ بقية المسلمين! فينادي عمر ولده عبدالله فيقول له: ناشدتك الله! هذا البرد الذي ائتزرت به أهو بردك؟ فيقول نعم! هو بردي أعطيته لأمير المؤمنين، فيقول سلمان: الآن مر! نسمع ونطع!
4- خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرة فعرض لغلاء المهور فقالت له امرأة أيعطينا الله وتمنعنا يا عمر ألم يقل الله (... وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاُ...), فلم يمنعها الحياء أن تدافع عن حق نسائها, ولم يمنع عمر أن يقول معتذرا: كل الناس أفقه منك يا عمر
__________________
مرسلة بواسطة د.ياسر نجم في ٢:٠٣ ص 0 التعليقات
التسميات: شخصية الشهر
١/٣/٢٠٠٧
قهوة وسط البلد: نكت الجواز وسنينه
الصبح وانت رايح على شغلك وهى نايمة تعمد اسقاط اى شيئ اواخبط الباب بصوت عالى علشان تصحيها هى كمان 00 اشمعنى انت ؟ولو حاولت ترجع تنام تانى قول لها مادام صحيتى حضري الفطار بقى
مرة واحد ماشى مع خطيبته وآخر انسجام فقالها "عارفة ايه هو الحب وايه الجواز؟" قالته "لا" قالها: "الحب زى النجوم الجميلة اللى فى السماء . قالتله"طب والجواز؟" قالها:"دى البلاعة اللى واحنا بنبص على النجوم بنقع فيها.."
مرسلة بواسطة د.ياسر نجم في ٢:٢٨ ص 6 التعليقات
التسميات: قهوة وسط البلد
صالون وسط البلد: كتاب قوانين البيت المسلم
والأستاذ سعيد حوى كاتب سورى ولد سنة 1935 وتوفى سنة 1989 عن 54 عاما وقد عمل فى تدريس الشريعة الإسلامية بسوريا والمملكة العربية السعودية..وهو من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين وله عدة اجتهادات منها:
الأساس في السنة 14 مجلداً.
سلسلة التربية والتزكية.
سلسلة الأصول الثلاثة.
سلسلة فقه الدعوة والعمل الإسلامي.
القانون الأول في النظافة والطهارة
القانون الثاني في الترتيب وحسن الهندام والهيئة
القانون الثالث في خفض الصوت وكتمان الأسرار وعدم الإزعاج
القانون الرابع في تنظيم العلم والعبادة
القانون الخامس في الاقتصاد في الطعام والشراب واللباس والمعيشة
القانون السادس في العلاقات وآداب التعامل
القانون السابع في العناية بالصحة والرياضة
القانون الثامن في حماية البيت وأهله من الشذوذ والانحراف والحرام والمكروه والضرر
القانون التاسع في الإحسان إلى الجار وإكرام الضيف وصلة الأرحام
القانون العاشر في مراعاة الأدب في الدخول والخروج
مرسلة بواسطة د.ياسر نجم في ١:٤٢ ص 0 التعليقات
٢٢/٢/٢٠٠٧
شخصية الشهر: محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام
و قد ورد في بعض كتب التفسير عند قوله تعالى :{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] ، أنه لمَّا نزلت عليه هذه الآية قال: " "اللهم لا أرضى يوم القيامة و واحد من أمَّتي في النار ".
"لقد أرسل لنا عليه الصلاة والسلام نحن الذين نعيش في هذا الزمن ولكل الذين عاشوا بعده: " بلِّغوا السلام عني من آمن بي إلى يوم القيامة
وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أجاهد؟ قال: ألك أبوان؟ قال: نعم، قال ففيهما فجاهد.
حث صلى الله عليه وسلم على صلة الوالدين المشركين والأقارب المشركين، وجعل صلة الرحم من أسباب دخول الجنة والبسط في الرزق، وقطعها من أسباب دخول النار.
وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال : لئن كنت كما قلت، فإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك - رواه مسلم
" أي قوم، أسلِموا، فإنَّ محمداً يُعطي عطاء ما يخاف الفاقة، فإنه كان الرجل لَيجيء إلى رسول الله ما يريد إلا الدنيا، فما يُمسي حتى يكون دينه أحَبُّ إليه و أعَزُّ عليه من الدنيا و ما فيها ".
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود الناس صدراَ، أي أن جوده كان عن طيب قلب وانشراح صدر لا عن تكلف وتصنع .
وورد في رواية أخرى أنه عليه الصلاة والسلام كان أوسع الناس صدراَ وهو كناية عن عدم الملل من الناس على اختلاف طباعهم وتباين أمزجتهم.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان معك مَلَك يرد عليه ، فلما رددتَ عليه وقع الشيطان (أي حضر) يا أبا بكر ثلاث كلهن حق : ما من عبدظُلِمَ بمظلمة فيُغضي (أي يعفو) عنها لله عز و جل إلا أعزَّ الله بها نصره و ما فتح رجل باب عطِيَّة ( أي باب صدقة يعطيها لغيره) يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، و ما فتح رجل باب مسألة (أي يسأل الناس المال ) يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قِلَّة ".
عن أنس رضي الله عنه قال: " بينما نحن في المجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فصاح به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم: مَه مَه ( أي اترك ) !!.
قال النبي عليه الصلاة و السلام: لا تُزرموه، (لا تقطعوا بوله).
فترك الصحابة الأعرابي يقضي بَوله، ثم دعاه الرسول صلى الله عليه و سلم و قال له:
" إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنَّما هي لِذِكر الله والصلاة و قراءة القرآن"، ثم قال لأصحابه صلى الله عليه و سلم: " إنَّما بُعِثتم مُبَشِرين، ولم تُبعَثوا معسرين، صُبّوا عليه دلواً من الماء ".
عندها قال الأعرابي: "اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً ".
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : "لقد تحجَّرتَ واسعاً"، (أي ضَيَّقتَ واسعاً)، متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها رَوَت أنَّ اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فدار بينهم الحوار الآتي:
- اليهود: السَّام عليك، (أي الموت عليك).
- الرسول صلى الله عليه و سلم : وعليكم.
- عائشة: السَّام عليكم، ولعنكم الله وغَضِبَ عليكم !.
- الرسول صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عائشة! عليكِ بالرِّفق، و إيَّاكِ و العنف و الفُحش .
- عائشة: أوَلم تسمع ما قالوا ؟!!.
- الرسول صلى الله عليه و سلم: أوَلم تسمعي ما قُلت، رددتُ عليهم، فيُستَجاب لي ولا يُستَجاب لهم فيَّ.
وفي رواية لمسلم: (لا تكوني فاحشة، فإنَّ الله لا يحب الفُحش والتَّفَحُّش).
* الرحمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قَبَّل رسول الله صلى الله عليه و سلم الحَسَن بن عليّ، وعنده الأقرع بن حابس التيمي، فقال الأقرع: إنَّ لي عشرة من الولد ما قَبَّلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "من لا يَرحم لا يُرحم "، متفق عليه.
وتخلق الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق الكريم ظاهر بيّن ، سواء في تعامله مع ربه جل وعلا ، أو في تعامله مع أزواجه ، أو أصحابه ، أو حتى مع أعدائه .
ففي تعامله مع ربه كان صلى الله عليه وسلم وفياً أميناً ، فقام بالطاعة والعبادة خير قيام ، وقام بتبليغ رسالة ربه بكل أمانة ووفاء ، فبيّن للناس دين الله القويم ، وهداهم إلى صراطه المستقيم ، وفق ما جاءه من الله ، وأمره به ، قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} (سورة النحل 44) .
وكان وفياً مع زوجاته ، فحفظ لخديجة رضي الله عنها مواقفها العظيمة ، وبذلها السخي ، وعقلها الراجح ، وتضحياتها المتعددة ، حتى إنه لم يتزوج عليها في حياتها ، وكان يذكرها بالخير بعد وفاتها ، ويصل أقرباءها ، ويحسن إلى صديقاتها ، وهذا كله وفاءاً لها رضي الله عنها .
وكان وفياً لأقاربه ، فلم ينس مواقف عمه أبي طالب من تربيته وهو في الثامنة من عمره ، ورعايته له ، فكان حريصاً على هدايته قبل موته ، ويستغفر له بعد موته حتى نهي عن ذلك .
وكان من وفائه لأصحابه موقفه مع حاطب بن أبي بلتعة مع ما بدر منه حين أفشى سر الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام في أشد المواقف خطورة ، حيث كتب إلى قريش يخبرها بمقدم رسول الله وجيشه، فعفى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفاءاً لأهل بدر ، وقال : ( إنه قد شهد بدراً ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) رواه البخاري و مسلم.
أما وفاؤه لأعدائه فظاهر كما في صلح الحديبة ، حيث كان ملتزماً بالشروط وفياً مع قريش ، فعن أنس رضي الله عنه أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : ( اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، قال سهيل : أما باسم الله فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم ، ولكن اكتب ما نعرف: باسمك اللهم ، فقال : اكتب من محمد رسول الله ، قالوا : لو علمنا أنك رسول الله لاتبعناك ، ولكن اكتب اسمك ، واسم أبيك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اكتب من محمد بن عبد الله ، فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، أن من جاء منكم لم نرده عليكم ، ومن جاءكم منا رددتموه علينا ، فقالوا : يا رسول الله أنكتب هذا ، قال نعم ، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا) رواه مسلم . وتم إرجاع أبي بصير مع مجيئه مسلماً وفاءاً بالعهد .
وعن حذيفة بن اليمان قال : ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل ، فأخذنا كفار قريش ، قالوا : إنكم تريدون محمدا ، فقلنا : ما نريده ، ما نريد إلا المدينة ، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ، ولا نقاتل معه ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر ، فقال : ( انصرفا ، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم) رواه مسلم.
وعدّ صلى الله عليه وسلم نقض العهد ، وإخلاف الوعد من علامات المنافقين ، فقال : (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان) رواه البخاري ومسلم.
هذا هو وفاء النبي العظيم ، أَنْعِم به من خلق كريم ، تعددت مجالاته ، وتنوعت مظاهره ، فكان لكل صنف من الناس نصيب من وفاءه صلى الله عليه وسلم ، فهل أنت أخي المسلم لك نصيب من خلق نبيك ورسولك؟
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفهم بذلك - رواه الطبراني والترمذي
وروى مسلم وما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قط فقال لا
وجاءه أعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجّب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) .
وصلى عليه الصلاة والسلام مرّة وهو حامل أمامة بنت زينب ، فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .
وكان إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ ، أسرع في أدائها وخفّفها ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه) رواه البخاري ومسلم.
وكان يحمل الأطفال ، ويصبر على أذاهم ، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ( أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فأتبعه إياه) رواه البخاري.
وكان يحزن لفقد الأطفال ، ويصيبه ما يصيب البشر ، مع كامل الرضا والتسليم ، والصبر والاحتساب ، ولما مات حفيده صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه ، فقال سعد بن عبادة - رضي الله عنه : " يا رسول الله ما هذا؟ " فقال : ( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) .
وضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته ، حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير ، وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .
ومثل ذلك اليتامى والأرامل ، فقد حثّ الناس على كفالة اليتيم ، وكان يقول : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى ) ، وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ، واعتبر وجود الضعفاء في الأمة ، والعطف عليهم سبباً من أسباب النصر على الأعداء ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أبغوني الضعفاء ؛ فإنما تنصرون وتُرزقون بضعفائكم ) .
وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم البهائم التي لا تعقل ، فكان يحثّ الناس على الرفق بها ، وعدم تحميلها ما لا تطيق ، فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ) ودخل النبي صلّى الله عليه وسلم ذات مرة بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن ، فقال : ( لمن هذا الجمل؟ ) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله ، فقال له: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه ) رواه أبو داوود .
ولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات ، بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات ، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ، وهي : حادثة حنين الجذع ، فإنه لمّا شقّ على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام ، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر ، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر ، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتاً كصوت البعير ، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد .
ونبينا صلى الله عليه وسلم ، له النصيب الأوفر من هذا الخلق العظيم ، ويظهر ذلك واضحاً جلياً في مواقفه مع الجميع ، من صغير ، أو كبير ومن قريب ، أو بعيد.
وقد عرف الصحابة الكرام هذا الخلق من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولمسوه ، وأحسوا به في تعاملهم معه ، فعن مالك بن الحويرث قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، وكان رحيما رفيقا ، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا ، قال : ارجعوا ، فكونوا فيهم ، وعلموهم ، وصلوا ،فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم) رواهالبخاري.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه (خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يومأً لِحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لِما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم. فخرجتُ حتى أمُرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بقفاي (من ورائي)، فنظرتُ إليه وهو يضحك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أُنَيس ذهبتَ حيث أمرتُك، فقلت: أنا أذهب يا رسول الله!.
قال أنس رضي الله عنه: والله لقد خدمته تسع سنين ما عَلِمته قال لشيء صنعتُه، لم فعلتَ كذا وكذا؟ ولا عاب علَيّ شيئاً قط، والله ما قال لي أُف قط"، رواه مسلم.
قلت فكم من مرة قلنا لوالدينا أفٍّ أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قال لخادمه أفٍّ قط.!.
وعن أبي هالة عن الحسن بن علي قال أن النبي عليه الصلاة والسلام كان خافض الطرف (من الخفض ضد الرفع فكان إذا نظر لم ينظر إلى شيء يخفض بصره لأن هذا من شأن من يكون دائم الفكرة لاشتغال قلبه بربه)، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وكان جل نظره الملاحظة (المراد أنه لم يكن نظره إلى الأشياء كنظر أهل الحرص والشره بل بقدر الحاجة)، يسوق أصحابه أمامه (أي يقدمهم أمامه، ويمشي خلفهم تواضعاً، أو إشارة إلى أنه كالمربي، فينظر في أحوالهم وهيئتهم، أو رعاية للضعفاء وإغاثة للفقراء، أو تشريعاً، وتعليماً، وفي ذلك رد على أرباب الجاه وأصحاب التكبر والخيلاء )، وكان صلى الله عليه وسلم يبدر من لقي بالسلام.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أكمل الناس شرفاً وألطفهم طبعاً وأعدلهم مزاجاً وأسمحهم صلة وأنداهم يداً لأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات.
مرسلة بواسطة د.ياسر نجم في ١:٢٢ ص 2 التعليقات
التسميات: شخصية الشهر
١٤/٢/٢٠٠٧
حكم القوى على الضعيف
أو بالشكل ده:
هل فيه علاقة بين التعذيب والتحرش بالبنات فى وسط البلد ؟
طيب هل فيه علاقة بين تعذيب البشر لبعضهم وتعذيبهم للحيوانات ؟
الفيلم ده بيتناقله العالم عن تعذيب الحيوانات قبل الدبح فى مصر:
وكمان الحمير:
هل هى طبيعة بشرية ان الانسان يفترى لما يحس انه الأقوى وانه متمكن من غيره الأضعف منه ؟ وبالتالى مافيش طريقة لحماية الضعيف الا سيادة القانون؟
ولا هل هو سوء تربية وفيه أمل فى تغيير الواقع بزرع المبادىء والقيم والأخلاق فى الصغر ؟
مرسلة بواسطة د.ياسر نجم في ٣:٤٢ ص 3 التعليقات